مساحة إعلانية

الرئيسية / / في لحظة صفاء

في لحظة صفاء


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

فإن الإنسان في هذه الدنيا يتقلب بين حالين ، فمرة سراء وأخرى ضراء ، وبين شدة ورخاء ، وسعة وضيق

وعسر ويسر ، وفرح وحزن ، ونشاط وفتور ، وفراغ وانشغال ، ومرض وصحة ، وصفاء واهتمام .

والعبد المسلم في كلا الحالين مأجور إذا صبر وشكر

في لحظة صفاء

كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث صهيب - رضي الله عنه - :

« عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ

إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ » أخرجه مسلم ( 7692 )

قال الإمام المناوي في فيض القدير ( 302 / 4 ) :

( العبد ما دام قلم التكليف جارياً عليه ، فمناهج الخير مفتوحة بين يديه فإنه بين نعمة يجب عليه شكر

المنعم بها ، ومصيبة يجب عليه الصبر عليها ، وأمر ينفذه ، ونهي يجتنبه ، وذلك لازم له إلى الممات ) .

ومن تلك الأحوال التي يمر بها المسلم في حياته حالة الصفاء، وخلو البال

وفي تلك الحالة ، وفي ذلك الصفاء يتميز الناس في استغلال ذلك الصفاء .

فمنهم من يتعجل ذلك الصفاء في أمور لا تعود عليه بالنفع في الدارين ، وتمر تلك اللحظات الغالية

والنسمات الرائقة ، بدون ما فائدة ، ودون ما إحسان ، وليس هذا ما أعنيه في هذه الوقفة مع تلك اللحظة الهانئة .

إنما الحديث عن أصحاب الهمم العالية ، والنفوس الأبية ، والأفكار الندية ، والأرواح الزكية

التي ما تفتأ أن تتلذذ بتلك اللحظة السعيدة ، التي تكون النفس فيها صافية ، ومقبلة ، وهادئة هانئة

فتستثمر تلك اللحظات ، وتستغل تلك المناسبات بما يعود عليها بالفلاح والنجاح في الدارين .

تكون تلك اللحظة لحظة ذات معنى وذكرى ، ذات عبرة وعبرا ، ذات نصح وعطاء وبذل وإخاء وتذكر واعتبار

في لحظة الصفاء يستلهم الذكي ويستنير البصير ويهتدي السائر

ويزداد المتأمل عبراً والمتفكر فكراً والمقتدر اقتداراً ، فتكون تلك اللحظة مكسباً ومغنماً ، لا وزراً ومغرماً .

لحظة الصفاء يستغلها المخلص ليزداد إخلاصاً ، والمبدع ليزداد إبداعاً ، والكاتب ليزداد سطوعاً

والداعية ليزداد إسماعاً ، والسائر ليزداد ثباتاً ، والمحسن ليزداد إحساناً ، والناصح ليزداد قبولاً والداعي ليحوز إجابةً.

لحظة الصفاء لا تمر على الكرام مرور الكرام ، بل يتلقفونها تلقفاً ، ويتلقونها تلقياً .

أخي المبارك :

إياك ، ثم إياك أن تمر عليك مثل هذه اللحظات ثم تذهب كقطرات مطر استدبرته الريح فلا ماء قر ولا أرض نفع

أسأل الله أن يجعلني وإياك من المباركين ، النافعين لأمتهم والدين .

في لحظة صفاء يوم الخميس : 20 / 6 / 1428 هــ

---------------------------------------

الشيخ : ظافر حسن آل جعبان

شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©