مساحة إعلانية

الرئيسية / / رسالة خاصة إلى الزوجة الملتزمة ، والأخت المقبلة على الزواج

رسالة خاصة إلى الزوجة الملتزمة ، والأخت المقبلة على الزواج


مَدْخَل :

هذه رسالة إلى رفيقتي في الدّرب تلك الأخت الملتزمة التي آثرت الإستقامة

ونذرت نفسها لحمل قضيّة نصرة دين الله
، قد تكون مجرّد خواطر عابرة ، وقد تكون مجرّد أحلام زاهرة

لكنّ يقيني لازال يحملني على الكتابة أملا في أن تبكي عينٌ لبكاء قلب يرجو مثل هذه العيشة الرّبانيّة

فيأتي القرار ثمّ يتلوه النّصرعن قريب ...

إنّ طيور القلب ما برحت على أفنان سعادته تغرّد منذ أن لامسته بُشرى زواجكِ  

فما أصبحتُ ولا أمسيتُ إلاّ وأنا أفكّر في صناعة عقد من همسات أهديه لك حتّى تزيّني به أيّامكِ المقبلة ...


رسالة خاصة إلى الزوجة الملتزمة ، والأخت المقبلة على الزواج

حبيبة قلبي ،،

لمّا منّ الله على عباده بالنّكاح قدراً وأباحه شرعاً ، بل أحبّه ورضيه وحثّ عليه

جعل فيه أحكاما كثيرة وحقوقاً متنوّعة تدور كلّها حول الصّلاح وإصلاح الزّوجين ودفع الضّرر والفساد

وهي من محاسن الشّريعة ، والشّريعة كلّها محاسن وجلب للمصالح ودرء للمفاسد (1)

فاحرصي – رحمكِ الله – على التّفقّه في أحكام وآداب النّكاح حتّى يبارك لك في حياتك الزّوجية .

ღღღ


أختي الحبيبة ،،

أسدل أجفاني على مقلتيّ لعلّي أفرّ من احتدام ضغوط الواقع وأمسك بلجام الحلم

لأبصرك في الغد القريب تلك الجوهرة النّادرة في هذا الزّمان ...

فتاة قد أسلمت وجهها لله فلا ترفع قدما ولا تضع أخرى إلاّ وهي تحتسب الأجر عند الله

ولا تلتفت إلى ما دون ذلك من حظوظ النّفس ومطالعةِ نظر المخلوقين ...

فتاة قد ارتضت الله لها وليّا ، فلمّا زوّجها سجدت بكلّها له تعبّداً ورقّاً وخضعت له روحها وجسدها شكراً وثناء

وعظم في عينها كرم الله وتفضّله عليها فرأت ذلك الزّوج سبيلا من سبل الوصول إلى جنّة الخلد .

جلست هذه الأمة الشّكورة جلسة مصارحة وأقبلت على نفسها تحاسبها مبتدئة بأصل الأصول

فتقف وقفة صرامة لتسأل : " أي يا نفس ما نيّتك في هذا الزّواج ؟ "

فإن صفا القلب ولم تكذّبه الأفكار وكان الاعتراف بأنّ القصد هو وجه الله وطلب جنّته فبها ونعمت 

وإن كان قد مازجه بعض تلك المنغّصات التي تقطع بين العبد وربّه فإنّ الكلام حينها يصبح عن معنى المجاهدة

وكيفيّة ترويض النّية ولا تزال تلك الأمة كذلك حتّى تنبت في فؤادها زهرة الإخلاص فينتشر عبيرها حيثما حلّت ...

ثمّ إنّ تلك المباركة قد علمت أنّ اتّباع قاعدة التّخلية قبل التّحلية من أنجح طرق تحصيل القلب السّليم

الذي هو نواة كلّ خير يصيب المرء في دنياه وأخراه ، فإذا بها تأتي على تعداد عيوبها

فإذا فرشتْ منها ما اهتدت إليه أشعلت فيها نار العزم فحرّقت جلّها بصدق اللّجأ إلى الله والإنابة إليه ...

وبعدها أبصرتُها تحمل حقيبة فارغة وهي تبغي أن تملأها بمكارم الأخلاق حتّى تبلّغها إلى مرتبة الصّديقيّة

فأكرم بها من رحلة !

ღღღ


وبعد تلك الوقفة التفتت الدّرة إلى زوجها فقالت له :

" الحمد لله الذي جمعنا بمنّته وكرمه وجعل بيننا مودّة ورحمة وفضّلنا على كثير ممّن خلق تفضيلا

والصّلاة والسّلام على رسول الله قدوتنا في حياتنا ومشكاة هدايتنا إلى دار السّلام

ثمّ أمّا بعد :

فإنّه قد عظمت في عيني نعمة الله متمثّلة في شخصك

وقد أتيت على نفسي فحاسبتها حساباً عسيراً غير يسير
، وجئتك اليوم وقلبي مولود جديد

يتربّى في حجر العبوديّة لإله الأوّلين والآخرين
، ونفسي لا ترى بعينيها إلاّ أعلى الجِنان مطمع كلّ جَنان ...

فهذه يدي أبسطها لتضمّها يدك فتعانق آمالي روحك وتعلن السّعادة حلول ربيع حياتنا

فتشرق شمس الأمل ويغرّد عصفور العمل ...


أي زوجي ، قد جئت أسقيك كؤوسا من نبع طموحاتي لأرسم على شفتيك السّعد

فأراك في هذه الدّنيا تتقلّب بين أحضان الإيمان حتّى إذا انقضى الأجل جاءت البشرى بأنّك من أهل الجنان !

فيا شقيق الرّوح ، أنصت إلى حديث خبّأته لك وحدك وبخلت به عمّن سواك

لأنّك لطالما كنت الفارس الذي سيزيل اللّثام الملقى على أحلام أنفاسي !

فدعني أحدّثك عن أنفاسي بهمسْة :

" أرِيدُكَ أَنْ تَكُونَ قَلْبًا تَحْيَا بِهِ هَذِهْ الأُمَّة "
وما دخلت بيتك إلاّ لأجعل شرايين الهمّة تسري دماؤها في جسدك

حتّى إذا ارتوى منها الفكر أثمر العزم
، فكنت الزّاهد الذي طلّق الدّنيا ثلاثا فلم يرعها سمعه ولا بصره ولا فؤاده !

وكنت المهاجر الذي رحل بنفسه التّواقة إلى الجنّة

فكان لا يقلّب صفحة من صفحات أيّامه إلاّ وقد أمضاها صدقه بإمضاء واحد " مُسَارعٌ إلى الخَيراتْ "

أتدري ؟

هذا أنت – بلا ريب – فإنّي كثيرا ما سجدت لله وألفاظي عروس تُزفّ إلى بيت الرّجاء

فكانت بفرحة اليقين تسأل الله متحدّثة عنّي فتقول :

( ربّ اجعل لي وزيراً من عبادك زوجاً صالحاً أشدد به أزري وأشركه في أمري

كي نسبّحك كثيراً ونذكرك كثيراً إنّك كنت بنا بصيرا ) (2)

و كان قلبي حينها لا يزال متعلّقا بقول الله :

( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (3)

و ما أظنّه إلاّ قد أجاب ذلك الدّعاء فقرّت عيني بك ، فالحمد لله حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه .

وهلّم لنسجد شكراً حتّى إذا أثنينا على ربّنا ولم نحص ، نذرنا روحينا لتجاهدا معاً فيه حقّ جهاده

إلى أن نلقاه وهو عنّا راض والله وليّنا فنعم المولى ونعم النّصير . "

وبتلك الباقات الزّاهرة تختم الدّرة فأراها تنسج ثوب المجد ومن بين ثنايا أحلامها المباركة يُزهر جيل النّصر المنتظر

فللّه درّ من نذرت نفسها لإصلاح أمّة بإعداد أمّة وأبت غلبات شوقها إلاّ الهجرة إلى الله ورسوله

ومقتت الرّفقاء إلاّ ابن سبيل يرافقها في سبيل الله فكان ذلك الرّفيق هو زوجها قرّة عينها ...

ღღღ


رفيقة دربي ،،

أتمثّلك لزوجك فجرا يطلع على حياته ، لتكوني له شمسا إذا أظلمت دنياه وشربة ماء إذا أضناه هجير الحياة

وزهرة أمل تطلع من بين أشواك آلامه لترسم البسمة على مُحيّاه ...

وثقي أنّك بذلك ترسمين البسمة على وجه الأمّة لأنّك تعدّين رجلا صالحا مصلحا خيِّرا كالغيث حيثما حلّ نفع !

أختي الحبيبة ،،

هذه خفقات من قلب يحبّك أسوقها لك من باب قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ( الدّين النّصيحة ) (4)

رجاء أن تكوني أنتِ تلك الزّوجة التي تتعطّش لها البيوت المسلمة :

الخفقة الأولى : بَيْتُه جَنَّتُه !

كان أحد السّلف يقول إذا دخل بيته : "ما شاء الله لا قوّة إلا بالله "

فسُئل عن ذلك فقال : ألم يقل الله ( لوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قوّة إلاّ بالله [الكهف : 39 ]

فإنّ زوجتي قد جعلت بيتي جنّتي في هذه الدّنيا !

أيّتها الغالية ،،

اجعلي بيت زوجك جنّته حتّى لا يلتفت إلى نار الفتن التي تعرض له في كلّ حين وفي كلّ مكان صارخة " هيت لك ! "

ولتحقيق ذلك ما عليك سوى أن تقومي ببعض الالتفاتات الطّيّبة :

>>> إذا دخلت غرفتك تخيّلي كأنّك ستحضّرين نفسك ليوم زفافك فبالغي في التّزيّن – دون تكلّف منفّر -

حتّى إذا عاد زوجك متعبا من العمل وجدك في أبهى حلّة كأنّك حوريّة من الحور العين

قد كافأه الله بها على كدحه طيلة النّهار...

ثمّ إذا تجوّل في أركان البيت تهلّل وجهه بِشرا لما يراه من نظافة وحسن ترتيب

فينقلب في عينه ذلك البيت البسيط إلى قصر بديع يشعر فيه أنّه هو الملك !

وبينما هو سارح في أخيلة السّعادة إذا بصوتك الحنون يداعب آذانه

وأنتِ تأخذين بيده إلى مائدة كأنّها لوحة فنّية تتلاحم فيها الألوان والأشكال لتنشد قصيدة حبّ

نظمها قلبك الذي أعددت به تلك الأطباق حتّى تكون طريقاً إلى قلبه ...

رسالة خاصة إلى الزوجة الملتزمة ، والأخت المقبلة على الزواج


الخفقة الثّانية : كُوني أمّه ، صديقته ، حبيبته ...

رفيقة دربي ،،

إذا ما عاد زوجك إلى البيت وعلى وجهه مسحة غمّ يكون حريّا بك أن تتمثّلي له في صورة الأمّ الرّحيمة

فتسألي عن سبب همّه برفق وأنتِ تربّتين على كتفه أو تمسحين على رأسه ثمّ تأخذين في تهوين خطبه عليه

وتذّكرينه بالصّبر وتحثّينه على الدّعاء ولا تزالين به حتّى يبتسم وتنقشع عنه سحائب الحزن تلك ...

وفي موقف آخر ،،

رأيتِ زوجك يكتب أوراقا ثمّ يمزّقها ويرميها وهو يتحرّك في نفس المكان ذهاباً وإياباً

ثمّ إذا تعب جلس وأمسك رأسه بين يديه وشرد ...

حينها ليتك تُلبسين نفسك ثوب الصّديقة فتجلسين بجنبه لتحاوريه حول تلك المشاريع التي تشغل باله

ولتشيري عليه بأفضل السّبل إلى تحقيقها وكلامك لا يخلو من توصيته بالتّوكل على الله وتفويض الأمر له

فإذا بكلماتك تتحّول أمامه إلى نبراس يضيء له تلك المتاهة التي ضاعت فيها أفكاره ...

هَمْسَهْ :

ليتك تكونين على دراية بمجال عمله حتّى تناقشي اهتماماته فيشعر أنّ له مكانة في حيّز انشغالاتك ...

وفي ليلة قد ألقى عليها القمر نوره جلس زوجك ينظر إلى السّماء يجول فيها بطرفه

فإذا بك تترفّقين في مشيتك حتّى تصلي إليه لتفيضي عليه جميل الحديث

" أنا حبيبتك جئت أملأ أسماعك بأعذب قصائد الحبّ " فلعلّك تنشدين له هذه الأبيات (5) :

رُوحَ الفؤادِ لأنتَ غيثٌ ماطِرٌ ---  يروي الفؤادَ المُستهامَ الصّادي

زوجي إليكَ تحيةً ممهورةً ---  بالشّوقِ بالحُبِّ النّبيلِ تنادي

مشفوعةً منّي بأصدقِ لهفةٍ ---  حرّى يسطّرُها دَمِي و مِدادي

هذا يَراعي اليومَ يرشُحُ ثوبَهُ ---  في أسطرٍ ممزوجةٍ بودادِ

أخشى عليكَ نسائماً رقراقةً ---  و أُديمُ فيكَ تفكيري و سُهادي

شوقي إليكَ و أنتَ تدخُل عُشّنا  ---  شوقٌ يدومُ على مدى الآمادِ

لا تحسبنْ أنيّ أقولُ تجمّلاً  ---  أو أنّني أقتاتُ في إنشادي

قلبي الذي يملي السّطورَ بنبضِهِ ---  والرّوحُ قد سعِدتْ بذا التّردادِ

بالشّوقِ والحُبّ الذي فاضتْ بهِ ---  صارتْ تُبينُ عن الهـوى الوقّـادِ

ترنو إليكَ لواحِظي مشتاقةً  ---  والقلبُ يهتِفُ صادِقاً و ينادي

كُن لي أباً و مُعلمّاً و مقوّماً  ---  كُن لي الهوى يا مُهجتي مُرادي

و ترفقّنْ حِبّي فقلبي عاشِقٌ  ---  حتفي إذا حَكمَ الإلهُ ببعادِ

قد قدّرَ الرّحمنُ أن أهنأَ بكمْ  ---  فاللهُ خيرٌ واهِباً و الهادي

أدعو الرّحيمَ بأن يزيد هناءنا  ---  ياجنّتي .. يافارسي .. ياودادي

ღღღ


الخفقة الثالثة : كوني عونًا له على العبادة

إذا أخذ اللّيل في جرّ أذياله ولم يبق منه إلاّ ثلثه الأخير قومي أيّتها المباركة فصلّي ما شاء الله أن تصلّي

ثمّ أيقظي زوجك بلطف وأنت تستحضرين حديث النّبي صلّى الله عليه وسلّم :

( رحم الله امرأة قامت من اللّيل فصلّت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) (6)

فإذا أُذّن لصلاة الفجر كوني حريصة على أن يدرك بعلكِ الصّف الأوّل في المسجد ....

وهكذا فليكن دأبك إعانته على عبادة الله، بادري دوما إلى حثّه على أعمال البرّ مستعملة مثل هذه العبارات :

" ما رأيك لو نتنافس في ختم القرآن هذا الشّهر؟ "

" لديّ فكرة يا رفيق الدّرب ولا أدري إن كانت ستعجبك .... "

" يا شقيق الرّوح ليتك تكون عونا لي على فعل كذا .... "

ولكِ أن تستخدمي الجوّال في إرسال همسات دعويّة تختمينها بأرقّ كلمات الودّ...

ღღღ


الخفقة الرّابعة : لمَ لا تجعلينه طالب علم مجتهد ؟

أختي الحبيبة ،،

قد يكون زوجك كبقيّة الرّجال مشغولا في عمله طيلة النّهار

لكنّ ذلك لا يمنع من حثّه على تخصيص وقت لطلب العلم الذي هو فرض على كلّ مسلم ومسلمة ...

ولتهيّئي له الجوّ الأمثل، فإذا رأيته خالي الذّهن من المشاغل زخرفي له الكلام مذكّرة إيّاه بفضل العلم والعلماء

قاصّة عليه سيرهم منادية إيّاه بين الحين والآخر :

" يا حَبْرَ هذه الأمّة "

" يا نجما في سماء النّصر "

" يا مجدّد هذا القرن "

وهكذا حتّى تشجّعيه على المثابرة في طلب العلم ، وما أجمل أن تتّفقا على دراسة كتاب معا ...

وتذكّري أنّه يجب عليك أن تكوني بين يديه كالتّلميذة المتواضعة لأستاذها ولا تتعالي عليه حتّى لو كنتِ أعلم منه

فإنّ للرّجل كبرا طبيعيّا لابدّ أن تراعيه ، فما ألطف أن تلقّبيه ب " يا أستاذي " وأن تسأليه عمّا أشكل عليك

فإنّك مطالبة دوما أن تخفضي له الجناح وفي العلم هذا آكد ...

وليكن لكلّ واحد منكما دفتر جميل تُسجَّل فيه الفوائد فإذا انتهى اليوم فلتتبادلا ما جمعتما

ولتكوني حريصة على أن يحضر مجالس أهل العلم بدل أن تشغليه بالنّزه والزّيارات التي لا تنفع ...

خصّصي مكانا في المنزل لتضعي فيه الكتب بحيث تكون مصنّفة حسب موضوعها فهذا يحبّب إلى النّفس المطالعة

وانصحيه بتخصيص ميزانيّة لشراء الكتب والشّرائط فذلك خير من إضاعتها في اقتناء فضولا لأواني والملابس ...

ღღღ


الخفقة الخامسة : اصنعي منه داعية

حبيبتي الغالية ،،

هذا الزّوج الذي يقاسمك الحياة إنّما هو عبد لله مكلّف بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

فليكن مشروعك وأنتِ تضعين أوّل خطوة في بيته هو أن تصنعي منه داعية مخلصا مستقيماً على المنهج

ذا علم غزيز وأسلوب تربويّ قويم ، فقليلات هنّ اللّواتي يعملن على تحقيق مثل هذا الهدف

وعهدي بك يا أخت الرّوح أنّك سبّاقة إلى الخيرات فاعملي واكدحي وربّك شكور لن يضيع مثقال ذرّة من جهدك ...

اجمعي عددا من المطويّات النّافعة وضعيها في سيّارة زوجك لعلّه ينفع بها أحدا من أصدقائه أو زملائه في العمل ...

اقترحي عليه أن ينظّم في نهاية الأسبوع موعداً مع أصدقائه أو جيرانه في بيته أو بيت أحدهم

بحيث يتداولون على إلقاء درس دينيّ وبهذا تتحسّن ملكة الإلقاء والتّعليم لديه

وإن لم يكن اللّقاء مع أصحابه فاجعليه في بيتك بينك وبينه ...

لا تتواني عن تفقّد أحواله في الدّعوة مهما كانت انشغالاته مراعية بذلك حقّ الله

وأبشري فإنّ حرصك على زوجك من علامات الشّكر فلتكوني على ثقة بأنّ الله سيظلّ مفيضا عليك من رحماته

مباركا لك في حياتك ما دمت تؤثرينه على حظوظ نفسك وذلك جهاد ليس بيسير

فالواقع للأسف مليء بقصص تخلّف المصلحين عن أداء واجبهم الدّعوي بسبب أزواجهم

اللّواتي كنّ حجر عثرة في طريق بعولتهنّ لأنانيتهنّ وتعلّقهنّ بالمتاع الزّائل ...

ღღღ


الخفقة السّادسة : مجرّد شوكة في زهرة !

رفيقتي الحبيبة ،،

سمعتُ نبضات قلبك متسارعة ورأيت دموع عينيك متتالية فجئت أهرول إليك لأسألك ما الخطب

فإذا بأنين روحك يتكلّم ليُفهمني أنّه قد حدث بينك وبين زوجك خلاف ... فها أنا ذي أبتسم وأقول لك :

يا حبيبة الفؤاد ،،

ليس ذلك الخصام إلاّ شوكة في ساق وردة حديثة السّن قد أزهرت لتزيّن حياتكما فما عليك إلاّ أن تزيلي تلك الشّوكة

ثمّ تصنعي منها إكليلا تضعينه على رأس زوجك معتذرة له عن لحظات الغضب التي لم تحسني فيها التّصرف ...

إن كنت أنت المخطئة في حقّه

فواجب عليك أن تمشي إليه على استحياء وتطأطئي رأسكِ وأنتِ تطلبين منه أن يعفو عنك ثمّ تقولين له :

" كانت لحظات غضبك دقائق ماتت فيها روحي ، لم يبق منّي شيء إلاّ وقد بكى ..

فذاك فؤادي اعتصره الألم حتّى خنق أنفاسي ، وهاتين مقلتيّ قد أغرقهما الدّمع ، و كلّ ما فيّ يأباني

كلّ ما فيّ يا حبيب الرّوح غاضب لسخطك عنّي ، ظللت في غيابك أقول قول الشّاعر :

ألقيتُ في سمع الحبيب كُلَيمة --- جرحت عواطفه فما أقساني

قطع الحديث وراح يمسح جفنه --- فوددت لو أجزى بقطع لساني

ومضى ولي قلب على آثاره --- ويدان بالأذيال متعلّقتان

فطفقت من ألمي أكفكف أدمعي --- ورجعت من ندمي أعضّ بناني

وأقول واخجلي إذا لاقيته --- فبأيّ وجه عابس يلقاني

تخيّلت ظفري به فمدّ يمينه  --- ورنا إليّ برقة وحنان

فما أرى زوجك بعد تلك الكلمات التي تذيب القلب إلاّ معقّبا على كلامكِ بقول البارودي :

عاتبته لا لأمر فيه معتبة عليه --- لكن لأرعى وردة الخجل

فألبستْ ياسمينَ الخدّ خجلته  --- ورودا جنيا جناه رائدُ المقل

أمّا إن كان هو المخطئ ، فإنّك حينها تذعنين لأمر الله :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ
وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ... )(7)

فتتذكّرين حديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في وصف الزّوجة المثاليّة :

( ألا أخبركم بنسائكم في الجنّة ، ودود ولود إذا غضبت أوأسيء إليها أو غضب زوجها

قالت هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتّى ترضى ) (8)

وبعد ذلك يكون منك السّمع والطّاعة فتتودّدين إلى زوجك وتتملّقينه

حتّى تنطفىء شرارة الفتنة التي أراد الشّيطان أن يضرمها بينكما...

ღღღ


الخفقة السّابعة : وبِهِمْ إحْسَانا

أختي الغالية ،،

لا ريب أنّك تتمنّين أن تعيشي مرتاحة البال في كنف زوجك دون تعكير لصفو تلك الحياة الورديّة

إذن دعيني أهمس لك بسرّ من أسرار السّعادة الزّوجيّة

لكن قبل ذلك فلنقف وقفة مع قول الله تعالى : ( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) (9)

قال العلاّمة بن سعدي - رحمه الله - :

أي المحسنين في عبادة اللّه ، المحسنين إلى عباد اللّه ، فكلما كان العبد أكثر إحساناً كان أقرب إلى رحمة ربه

وكان ربّه قريبا منه برحمته ، وفي هذا من الحثّ على الإحسان ما لا يخفى .

إذا علمتِ هذا أيّتها الحبيبة فكوني السّباقة إلى حسن معاملة أهل زوجك

ابتداء من أمّه فكم هو جميل أن تجعليها بمثابة والدتك

فتحضّري لها بين الحين والآخر طبقا شهيّا أو تذهبين لمساعدتها في أشغال البيت بطيب نفس

وتدخلين السّرور على قلبها بهديّة معبّرة بها عن محبّتك واحترامك لها ولتجعليها مستشارتك في تدبير شؤون بيتك

طالبة منها النّصح والتّوجيه حتّى لو لم تحتاجي إليه ، واحرصي على أن يزورها زوجك بصفة مستمرّة

وبهذا تكونين عونا له على برّها ...

ثمّ ليتك تجعلين أخت زوجك صديقة لك حتّى لا تنقلب إلى عكس ذلك

وأمّا عن بقيّة أهله فليكن شعارك في معاملتهم :


( إنّ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وإنّ حسن الخلق ليبلغ درجة الصّوم والصّلاة ) (9)

فأحسني يحسن إليكِ ربّك وتغاضي عمّا تجدينه من تقصير في حقّك ، وتذكّري أنّك تعاملين الله وتبتغين ثوابه

فإن ظلمك أحدهم فاعفي عنه وقابلي إساءته بالإحسان وسترين من المُحسِن الأكرم ما يسرّك في الدّنيا والآخرة

قال الله تعالى : ( فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ) (10)

ღღღ


 مَخْرَجْ :

ريحانة قلبي ،،

لم أكن أهذي حين كتبتُ هذه السّطور

فلا تبتسمي مستبعدة مثل تلك الحياة  ولا تتأوّهي متحسّرة على فوات الأوان

بل كوني محسنةَ الظنّ بربّك الأكرم ، وباشري بعض الخطوات والحسنة تتلو أختها

سترين إن اشتغلت بذلك ما يسرّك لكن بشرط أن تخلصي لله ...

أختي الحبيبة إنّما هي وصيّة أخيرة إن عقِلتها بقلبك وطبّقتِ مقتضاها فذاك فلاحكِ بلا ريب :

عن حصين بن محصن قال : حدثتني عمّتي قالت :

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الحاجة فقال : إي هذه ! أذاتُ بعل ؟

قلت : نعم

قال : كيف أنتِ له ؟

قال : ما آلوه إلا ما عجزت عنه

قال : فانظري أين أنتِ منه فإنّه هو جنّتك ونارك " (11) رواه أحمد والحاكم بإسناد صحيح .

معنى آلوه : أي لا أتردّد في طاعته .

---------------------------------------------------

(1) من درر الشّيخ ابن سعدي – رحمه الله –

(2) وزيراً : أي معينا يعاونني ويؤازرني ويساعدني / اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي: أي قوني به وشدّ به ظهري

(3) الآية 186 من سورة البقرة

(4) صحيح الترمذي

(5) نشيد " حبّ الزّوج " المنشد عقيل الجناحي – بتصرّف -

(6) أخرجه أبو داود وصحّحه الألباني

(7) الآية 24 سورة الأنفال

(8) الآية 56 سورة الأعراف

(9) صحيح التّرغيب والتّرهيب

(10) الآية 148 آل عمران

(11) رواه النّسائي صحّحه الألباني

---------------------------------------------------

موضوع رائع قرأته وأحببت مشاركتكم إياه

شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©