مساحة إعلانية

الرئيسية / / خطوات دعوية -15- زاد الداعية (4)

خطوات دعوية -15- زاد الداعية (4)



نكمل إن شاء الله مع زاد الداعية إلى الله عزوجل ، مع الزاد الرابع والأخير ...


التجرد + العدل + الانصاف


ما أحوجنا في هذا الوقت الذي عمّ فيه حب الدنيا والتعلق بها إلى ( قلوب متجردة لله تعالى )

لا تميل عن ( العدل ) في التعامل مع الآخرين وتقيم ( القسط والإنصاف ) مع المخالفين .

خطوات دعوية -15- زاد الداعية (4)

القلوب المتجردة لله تعالى : هي القلوب التي لاتنظر إلى متاع دنيوي حقير زائل ولا تعمل من أجل زعامة

أو قيادة أو صدارة أو من أجل جماعة تنتمي إليها ولوكان على حساب المنهج الصحيح ..


نحن في هذا العصر الذي سادت عليه المصالح البشرية في أمسّ الحاجة إلى دعاة قلوبهم لا تتعلق إلا بحب الله

تعالى ، ولا يهمها إلا رضاه ، فلا تهتم على لسان مَن تكون كلمة الحق مادامت كلمة الحق ستُقال ..

وهذا الطراز من الدعاة من أصحاب القلوب الخالصة لله تعالى في عملها وقولها ونيتها

يُقدمون حينما يحجم الآخرون ، ويصبرون ويثبتون عندما يجزع الآخرون ويحلَمون عندما يجهل الآخرون


فلا يثأرون لأنفسهم وذواتهم عندما يُسيء إليهم الناس ..

هذا هو الداعية الصادق الذي يكون دوماً عبداً لله لا عبداً لذاته ولا لهواه

فيتحرك بدعوته خالصاً لله تعالى قائداً كان أو جندياً أو إماماً أو عالماً ، دون تطلّع إلى زعامة أو دنيا أو متاع .


فإن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة هم أهل الرياء والكذب على الله تعالى ، الذين يزينون للناس هذه الدنيا

فلا يتحركون حركة إلا من أجل شهواتهم وأهوائهم وذواتهم فاستحقوا النار حتى لو كان فيهم العالم المعلّم

والمنفق الباذل والمجاهد المقاتل قال تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ( الأنعام )

عن أبي هريرة رضس الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ، تعس وانتكس

وإذا شيك فلا انتقش ، طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرّةٍ قدماه ، إن كان في حرسة

كان في حراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة وإن استأذن لم يؤذن له ، وإن شَفع لم يُشفع  .
( البخاري )

قال ابن الجوزي : والمعنى أنه خامل الذكر لا يقصد السمو .

ومن أروع صور التجرد لله تعالى وأهمها على الإطلاق ، العدل في التعامل مع الآخرين والإنصاف مع المخالفين

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ *

وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ( المائدة )


فالإسلام يوجب على المسلم أن يكون عدلاً مع من يحب ومن يكره ، يقوم لله شهيداً بالقسط ولو كان على نفسه

ولا يخرجه غضبه عن الحق ولا يدخله رضاه في الباطل ولا تمنعه الخصومة من الشهادة لخصمه بما فيه من خير .

فقد فرض الله تعالى على عباده العدل فرضاً لاهوادة فيه ..

فالعدل هو أقرب لتقوى الله تعالى أي الاتقاء من عقابه وسخطه باتقاء معصيته ، فإن الجور من أكبر المعاصي

التي حرمها الله تعالى لما يتولد منه من المفاسد ( وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )

فالله تعالى لا يخفى عليه من أعمالنا ظاهرها وباطنها ولا من نياتنا وهو سبحانه وتعالى الحكم العدل القائم بالقسط

فلنحذره أن يجزينا بالعدل على تركنا للعدل ..

وقد مضت سنته العادلة في خلقه بأن جزاء من ترك العدل وعموم إقامة القسط في الدنيا

هو ذل الأمة وهوانها واعتداء غيرها من الأمم على استقلالها ولجزاء الآخرة أذل وأشد وأبقى .

قال شيخ الاسلام ابن تيمية : أمور الناس إنما تستقيم بالعدل الذي قد يكون فيه الإشتراك في بعض أنواع الإثم

أكثر مما تستقيم في الدنيا مع الظلم في الحقوق وإن لم يشترك في إثم .


ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولايقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة

ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولاتدوم مع الظلم والاسلام

وذلك أن العدل نظام كل شيء فإذا أقيم أمر الدنيا بالعدل قامت وإن لم يكن لصاحبها في الدين من خلاف

فكيف إن كان مع الدين وخشية الرحمن ؟!!

ومتى لم تُقم بالعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يُجزى به في الآخرة ..

فيجب أن نقصد في دعوتنا أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين كله لله ، ولا نقصد بدعوتنا هوىً أو جاهاً

أو نسباً ننتصر له ، فعندما نغضب لا نغضب إلا لله

فلا نغضب على من خالفنا وإن كان مجتهداً معذوراً ولديه أدوات الإجتهاد

ونرض عمّن يوافقنا وإن كان جاهلاً سيء القصد ليس له علم ولا حسن نية

فنحمد من لم يحمده الله تعالى ورسوله ونذم من لم يذمه الله تعالى ورسوله والعدل في الحكم

والإنصاف في الأمر هو أن لا نتعصب لأحد بعينه من الأئمة دون الباقين

فهو بمنزلة من تعصب لصحابي واحد بعينه دون الباقين ، كالرافضة الذين يتعصبون لعلي رضي الله عنه دون الخلفاء

وجمهور الصحابة رضي الله عنهم ، وكالخارجي الذي يقدح في عثمان وعلي رضي الله عنهما .

فهذه طرق أهل البدع والأهواء الذين ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنهم مذمومون خارجون عن الشريعة والمنهج

الذي بعث الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم .

لذلك لا نتعصب لفرقة أو مذهب أو عالم بعينه ولا نُزكي من نتلقى منهم العلم تزكية تدخلهم في العصمة

فلا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( فكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه )

والتعصب يجلب الفرقة والنزاع بين أبناء الأمة الإسلامية ..

أما التجرد لله تعالى والعدل والإنصاف فهو زاد السلف الصالح في الدعوة إلى الله تعالى .

خطوات دعوية -15- زاد الداعية (4)

ومن أسباب تجرد القلب لله تعالى :

1- الإخلاص والتقوى وحب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

قال أحد السلف : احذروا من الناس صنفين : صاحب هوى قد فتنه هواه وصاحب دنيا قد أعمته دنياه .

2- الصبر والمجاهدة النفس للتجرد من الهوى

. وذلك من خلال التفكر أن الانسان لم يخلق للهوى

قال الله تعالى : ( فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولاتتبع أهواءهم ) ( الشورى )

. والتفكر في عواقب اتباع الهوى من زلات وآثام وآفات

قال تعالى : ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدتِ السماوات والأرض ومن فيهن ) ( المؤمنون )

. أيضاً التدبر بعز الغلبة على النفس وذل قهرها ..

فمامن أحد غلب هواه إلا أعزه الله تعالى ومامن أحد غلبه هواه إلا أذله الله تعالى ..

والتفكر في فائدة مخالفة الهوى من اكتساب الذكر الجميل في الدنيا وسلامة النفس والأجر في الآخرة

ثم أهم أمر يعين على المجاهدة هو الاستعانة بالله تعالى باللجوء إليه ، فالله تعالى لايخيب من استعاب يه مخلصاً ..

لذلك نطلب منه العون على الأهواء والشهوات وعلى النفس الأمارة بالسوء ، فإن الفضل كله بيد الله يؤتيه من يشاء

والله ذوالفضل العظيم ، فمن توكل على الله تعالى كفاه ومن اعتصم به نجّاه ومن فوض أمره إليه هداه

http://img856.imageshack.us/img856/7689/alshiaclubs9628782f3c.gif

من أسباب العدل والإنصاف :

1- تقديم حسن الظن بالمسلمين :

قال تعالى : ( يا أ يها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ) ( سورة الحجرات )

2- التورع في القول :

قال تعالى : ( ولاتقفُ ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) ( الإسراء )

فمن تكلم من غير علم فقد ظلم ..

قال صلى الله عليه وسلم :

( القضاة ثلاثة ، قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة رجل عـَـلِمَ الحق فقضى به فهو في الجنة

ورجلٌ علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ) ( صححه الألباني )


وقال صلى الله عليه وسلم :

( إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين

الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وٌلوا ) ( مسلم )


3- تقديم الحسنات على السيئات :

فمامن مسلم إلا وله محاسن ومساوئ، ومن الظلم أن نذكر أسوأ ما عند من تعلم عنه وتكتم خير ما تعلم عنه

قال تعالى : ( ولاتبخسوا الناس أشياءهم ) ( هود )

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

من سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالا ه ، وأعطى الحق حقه ، فيعظم الحق ويرجم الخلق

ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات فيُحمد ويُذم ويُثاب ويُعاقب ويُحب من وجه ويبغض من وجه آخر .

ويقول الإمام الذهبي رحمه الله تعالى :

إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعُلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه

يُغفر له زلله ، لا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه ، ولانقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك .

ورحم الله سعيد بن المسيب إذ يقول :

ليس من شريف ولاعالم ولاذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس من لاينبغي أن تُذكر عيوبه ..

فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله

4- اعرف الحق :

قال علي رضي الله عنه : لا تعرف الحق بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف أهله

قال صلى الله عليه وسلم :

( أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم ) [ عن الحافظ ابن كثير بسند صحيح ]


نسأل الله تعالى أن يهدي قلوبنا ويشرح صدورنا

خطوات دعوية -15- زاد الداعية (4)

الزاد الأخير هو : الصبر الجميل

إن طريق الدعوة إلى الله تعالى طريق يحفّه الكثير من المتاعب التي تنوء بها الظهور وتضعف عن حملها الكواهل

إلا من رحم الله ، ذلك لأن أصحاب الدعوة إلى الله يطلبون الناس أن يتحرروا من أهوائهم واوهامهم ومألوفاتهم

ويثوروا على شهواته أنفسهم ومعبودات آبائهم وعادات أقوامهم وامتيازات طبقاتهم وينزلون عن بعض ما يملكون

إلى إخوانهم ويقفوا عند حدود الله فيما أمر ونهى وأحل وحرّم ..

فالطريق ليست محفوفة بالورود والرياحين ، إنما هي طريق شاقة قد فرشت بالعقبات والأشواك والمخاطر والفتن

والإبتلاءات ، فهي طريق قد سلكها الأنيياء والمرسلين ، سار عليها نوح عليه السلام وإبراهيم وموسى وعيسى

وخاتم الأنبياء والرسول محمد صلى الله عليه وسلم .


فإذا لم يعتصم الداعية باليقين ويتسلح بالصبر ، لم يستطع أن يتابع المسير فالصبر هو سلاح الداعية ،،

كما قال علي رضي الله عنه عن الصبر : سيف لا ينبو ومطية لا تكبو وضياء لا يخبو

وفي الحديث الصحيح : الصبر ضياء

والصبر الذي يريدنا الله تعالى أن نتحلى به هو الصبر الجميل ، قال الله تعالى : ( فاصبر صبراً جميلاً )

والصبر الجميل : هو الصبر الذي لا يرافقه شكوى إنما يرافقه الرضى ، لا شك فيه ولا معه

ففي القرآن الكريم ذكر : ( الصبر الجميل ) و ( الهجر الجميل ) و ( الصفح الجميل )

الصفح الجميل :

قال تعالى ( فاصفح الصفح الجميل ) ( الحجر ) ، فالصفح الجميل هو الصفح من غير عتاب لا معه ولا بعده


الهجر الجميل :

قال تعالى : ( واهجرهم هجراً جميلا ) ، فالهجر الجميل هو الذي لاأذى معه في هجرته ، لا أذى قولي ولا فعلي

وحتى يكون صبرنا جميلاً في دعوتنا إلى الله يجب :

1ـ أن يكون صبرنا لله تعالى لا لأحد غيره :

فنخلص النية في صبرنا ونجعله ( صبر لله تعالى ) قال تعالى : ( ولربك فاصبر ) ( المدثر )

2- أن يكون صبرنا بالله تعالى نصبر لحكم الله تعالى ولقضائه وبلائه

فهو ( صبر بالله ) قال تعالى : ( واصبر لحكم ربك ) ( الطور )

قال ابن القيم الجوزية رحمه الله :

الصبر لله فوق الصبر بالله وأعلى درجة وأجل ، فإن الصبر لله تعالى متعلق بألوهيته ، والصبر بالله متعلق بربوبيته

وما تعلق بإلهيته أكمل وأعلى مما تعلق بربوبيته ، لأن الصبر له عبادة والصبر به استعانة

والعبادة له غاية و الاستعانة وسيلة والغاية مرادها لنفسها أما الوسيلة مرادها لغيرها ..

فالصبر مشترك به بين الكافر والمؤمن والبر والفاجر ، فكل من شهد الحقيقة الكونية صبر به ( بأمر من الله تعالى )

أما الصبر له ( لله تعالى ) فمنزلة الرسل والأنبياءوالصديقين وأصحاب ( إياك نعبد وإياك نستعين )

لأن الصبر لله تعالى : صبر فيما هو حق له ، محبوب له ، مرضي له

والصبر بالله تعالى : قد يكون فيما هو مسخوط له لا يرضى عنه الله تعالى أو في مباح او مكروه فأين هذا من هذا ؟!

والصبر في مجالات الدعوة له صور عديدة منها :

1- الصبر عند إعراض الخلق عن الداعية

فليس أشق على الداعية أن يدعو بملء فيه ، ويصيح بأعلى صوته بشيراً ونذيرا ولا يجد إلا آذاناً صما وقلوباً غلفا

وهذا ما رأيناه مع نوح عليه السلام : ( رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً * فلم يزيدهم دعآئي إلافرارا )

2- أذى القول والفعل

فالداعية يدعو العامة بالحكمة فيستقبلوه بالسوء ، ويعظهم بالتي هي أحسن فيقاوموه بالتي هي أخشن

ويدلهم على الخير فيقذفوه بالشر ، ويصدع فيهم بكلمة الحق فلايسمع منهم إلا كلمة الباطل .

قال تعالى : ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً

وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ ( آل عمران : 186 )

وهكذا فالدعوة بحاجة لمن يخلص لها بالتقوى

وتحتاج لدعاة علماء عاملين قد تجردت قلوبهم لله تعالى فيعدلون وينصفون

وتحتاج إلى سلاح قوي متين وهو سلاح الصبر


https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjO4zcqT8tCLAOFpj_E1ySku7mOss2oXDASeumfgMvlJvTtlaoRAL4UtNaug2tuNtLa9qZm7MF9rgZSXwIKYivN-c3AzFwtXMudXw-RuW8-WpRks_zbPkNu8_OfQ8ci9E9iX4i8xmZzPEw/s1600/separator.png%22

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل

شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©