العيد في الإسلام مظهر من مظاهر الفرح بفضل الله ورحمته ، وفرصة عظيمة لصفاء النفوس
ووحدة الكلمة ، وتجديد الحياة ، وهو لا يعني أبداً الانفلات من التكاليف ، والتحلل من الأخلاق والآداب
بل لابد فيه من الانضباط بالضوابط الشرعية والآداب المرعية .
وهناك جملة من الأحكام والسنن والآداب المتعلقة بالعيد ، ينبغي للمسلم أن يراعيها ويحرص عليها
وكلها تنطلق من المقاصد والغايات التي شرعت لأجلها الأعياد في الإسلام ولا تخرج عن دائرة التعبد لله رب العالمين
في كل وقت وحين . فمن السنن التي يفعلها المسلم يوم العيد ما يلي :
1- الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة :
فقد صح في الموطأ وغيره : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى . [ الموطأ 428 ]
وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد .
والذي يستحب بسببه الإغتسال للجمعة وغيرها من الإجتماعات العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز .
2- الأكل قبل الخروج في الفطر ، وبعد الصلاة في الأضحى :
من الآداب ألا يخرج في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات
لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا . [ البخاري 953 ]
وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام .
وعلل ابن حجر رحمه الله :
بأنّ في ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم ، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله . فتح الباري [ 2/446 ]
ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح .
وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية
فإن لم يكن له من أضحية فلا حرج أن يأكل قبل الصلاة .
3- التكبير يوم العيد :
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) .
وعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين
قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام .
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : ( كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى )
قال وكيع : يعني التكبير . [ انظر إرواء الغليل 3/122 ]
وروى الدارقطني وغيره :
أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يخرج الإمام .
وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم
حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا . [ انظر إرواء الغليل 2/121 ]
ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمراً مشهوراً جداً عند السلف
وقد نقله جماعة من المصنفين :
كابن أبي شيبة وعبد الرزاق والفريابي في كتاب ( أحكام العيدين ) عن جماعة من السلف .
ومن ذلك : أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول : ( ألا تكبرون ) .
وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يقول : ( كان الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل الإمام ) .
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد .
وأما في الأضحى فالتكبير يبدأ من أول يوم من ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق .
- صفة التكبير ..
ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه :
أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .
ورواه ابن أبي شيبة مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير .
وروى المحاملي بسند صحيح أيضاً عن ابن مسعود :
الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجلّ ، الله أكبر ولله الحمد . [ أنظر الإرواء 3/126 ]
4- التهنئة :
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها
مثل قول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة .
وعن جبير بن نفير ، قال :
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ، تُقُبِّل منا ومنك .
قال ابن حجر : إسناده حسن . [ الفتح 2/446 ]
فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره
وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة بعضهم بعضا عند حصول ما يسر
مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك .
ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق والمظاهر الاجتماعية الحسنة بين المسلمين .
وأقل ما يقال في موضوع التهنئة أن تهنئ من هنأك بالعيد ، وتسكت إن سكت
كما قال الإمام أحمد رحمه الله : إن هنأني أحد أجبته وإلا لم أبتدئه .
5- التجمل للعيدين ..
عن عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا
فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ .. [ رواه البخاري 948 ]
فأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمل للعيد ، لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة لأنها من حرير .
وعن جابر رضي الله عنه قال :
كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة . [ صحيح ابن خزيمة 1765 ]
وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه .
فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد .
أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب
وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة .
6- الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من آخر ..
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ . [ رواه البخاري 986 ]
قيل الحكمة من ذلك لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين
وقيل ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ ..
وقيل لإظهار ذكر الله ، وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه ..
وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه ..
والله أعلم .
وإظهار السرور والفرح في الأعياد من شعائر الدين ، فلا بأس من اللعب واللهو المباح
وفعل كل ما يُدخل البهجة في النفوس مع مراعاة الحدود الشرعية من غير إفراط ولا تفريط
فقد قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : ( ما هذان اليومان ) ؟
قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر ) رواه أبو داود
وليحذر المسلم مما يُرتَكَب في أيام الأعياد من تبذير وإسراف ، وتبديد للأموال والأوقات ، وجرأة على محارم الله
ونحو ذلك من الأمور التي تنافي التعبد لله الواحد الأحد في الأعياد وغيرها
وتعود بالضرر والخسران على أصحابها في الدنيا والآخرة .
نسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال ، وأن يعيد علينا هذه الأيام باليُمن والخير والبركة .
جعل الله في العيد أحكاماً متعددة، منها:
ردحذفأولاً: استحباب التكبير في ليلة العيد من غروب الشمس آخر يوم من رمضان إلى حضور الإمام للصلاة، وصيغة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أو يكبر ثلاثاً فيقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. وكل ذلك جائز.
وينبغي أن يرفع الإنسان صوته بهذا الذكر في الأسواق والمساجد والبيوت، ولا ترفع النساء أصواتهن بذلك.
ثانياً: يأكل تمرات وتراً قبل الخروج للعيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً، ويقتصر على وتر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: يلبس أحسن ثيابه، وهذا للرجال، أما النساء فلا تلبس الثياب الجميلة عند خروجها إلى مصلى العيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وليخرجن تَفِلات» أي في ثياب عادية ليست ثياب تبرج، ويحرم عليها أن تخرج متطيبة متبرجة.
رابعاً: استحب بعض العلماء أن يغتسل الإنسان لصلاة العيد؛ لأن ذلك مروي عن بعض السلف، والغسل للعيد مستحب، كما شرع للجمعة لاجتماع الناس، ولو اغتسل الإنسان لكان ذلك جيداً.