مساحة إعلانية

الرئيسية / / قصة المورسيكي الأخير - ج1

قصة المورسيكي الأخير - ج1


قصة المورسيكي الأخير - ج1

لن يهمك كثيراً أن تعرف من أنا ، يكفي أن تعرف أني كولونيل في الجيش الفرنسي

وأنا أخرج اليوم في مهمة خاصة جداً مع فرقتي .

مهمتي اليوم التفتيش في الأديرة الكاثوليكية في شمال إسبانيا على أي مساجين من ضحايا محكمة التفتيش

دعني أصارحك أني أستمتع بعملي هذا جداً ، الحقيقة أني ابن الثورة الفرنسية حقاً

في ذلك الوقت كانت الثورة الفرنسية رعب ملوك أوروبا ، نسبوا إلينا الكثير والحقيقة أنهم لم يكونوا مبالغين

لو أحببت وصف ثورتنا بلغة زمنكم لقلت انها قضت على الملكية والملكيين والنبلاء والمتعاطفين معهم بضربة واحدة

لم تحاول الثورة كثيرا التعقل أو البحث عن الأحكام المخففة أو البراءة

الحقيقة أن كل متهم كان حكمه جاهزا قبل محاكمته ، قليل جدا من يستطيع أن يثبت براءته

والحكم في هذا الوقت كان معروفا الإعدام بالمقصلة هي الطريقة المثلى !

ثورة دموية ؟

من أنكر هذا .. ولكن هذه الدماء قد جرفت اثام الحقبة الملكية كلها

اننا لم نضيع الوقت في محاولات من بقايا الحقبة الملكية للتحايل على الثورة والإنتصار إليها

مات أبرياء ؟

نعم لسنا نشك في ذلك .. ولكن من قال ان التضحية لم يكن لها قيمتها ؟

الحق أن الجموع الغاضبة والثورة خرجت من أحقر طبقات المجتمع في فرنسا

الهتاف الشهير اشنقوا اخر ملك بأمعاء أخر قسيس

اننا دفعنا طويلا جدا ثم الشراكة الأثمة بين الملكية والكنيسة الكاثوليكية

كلا السلطتين تنافست في افقار الناس وفي فرض الضرائب والمكوس الجائرة بلا وازع من ضمير

الكثير هلكوا جوعاً والكثير هلكوا حرقاً واغراقاً !

هؤلاء الكهنة الملاعيين كانوا عذابا دائما للفرنسيين ، ليس من الغريب أن تخرج العلمانية من فرنسا

لا أعتقد أن هناك دولة عانت من الظلم والمذلة من هؤلاء مثل فرنسا

لذلك تستطيع أن تفسر سعادتي وسعادة فرقتي في مهمتنا ، الأمر له طابع انتقامي لا شك فيه

هؤلاء الجنود – وعلى رأسهم الليفتنانت دي ليل - يسرهم فعلا أن يذيقوا هؤلاء الرهبان والكهنة سوء العذاب

ولكن الحقيقة التي لا تغيب أننا لم نظلم منهم بريئا قط ، لست أدعي عدالة أو شئ

انما هذه هي الحقيقة أننا لم نقابل منهم البرئ الذي يستحق الرأفة

لكن هذه المرة مختلفة سندخل دير يسوعي في شمال اسبانيا ، الشائعات قوية تتردد أن فيها ديوان للتفتيش

وهي سمعة تشبه تماما أن تقول ان هذا المبنى تابع لأمن الدولة في زمنكم .

بحثنا طويلا وبكل جد ولكننا لم نجد أي شئ ..

الواقع أن هذا دير برئ حقاً – ان كان هناك شئ كهذا في هذا الزمان –

كان أكثر ما يغيظني أيمان الرهبان المغلظة ودعواهم أن هذه ليست إلا تهما باطلة

حتى شعروا بيأسنا فجاء كبيرهم ليؤكد لنا براءته وهو يكاد يبكي من احساسه بالظلم

فتهيأنا للخروج ، ولكن دي ليل جاء إليَّ واستأذني في أخر محاولة لتفتيش الأرضية ، وقتها هممت بالرفض

لأنه لم يعد هناك داع ولكن النظرات القلقة والتوتر الذي شاع في وجوه الرهبان أنبأني أنه قد أصاب شيئا

فأشرت إليه في عدم ممانعة ، فالتفت دي ليل للجنود وأمرهم في حزم برفع السجاجيد من على الأرضية

وصب الماء بكثرة في كل غرفة على حدة حتى ابتلعت الأرضية الماء في احد الغرف

فاكتشفنا باباً مخفياً في أرضية الغرفة بطريقة خبيثة ، ففتحنا الباب وقد إصفر هؤلاء ..

فسحبت شمعة كبيرة لأتقدم الجنود في نزولهم لهذه الغرفة السرية

حاول أحد الرهبان اعتراضي وقال لي : ( يا بني هذه الشمعة لا يصح أن تحملها بيدك الملوثة بدماء القتال )

فقلت له : يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء

وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك ؟!!!

وهبطت على درج السلم يتبعني سائر الضباط والجنود ، شاهرين سيوفهم حتى وصلنا إلى آخر الدرج

ثم تجمد الزمان لدقائق ..

ليس هناك كلمة تستطيع وصف ما رأيناه ، حتى كلمة الهول نفسه تعجز عن ايفاء ما شاهدناه حقه

يا الهي العظيم ساعدني كي أنسى ، حانت مني التفاته إلى دي ليل الذي تدلى فكه في وضع عجيب

ثم أفقنا على صوت أوع انطلق من خلفنا !!

بعض الجنود الحمقى لم يتحملوا ما رأوه ليس هذا وقت القئ على الإطلاق ..

هذه اللحظة فقط شعرت بالإشمئزاز من يدي التي لامست شمعتهم المقدسة

فما رأيته لا يمكن تخيله إلا في جهنم ..



يتبع ,,,


قصة لـ ( مروان عادل )

شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©