مساحة إعلانية

الرئيسية / / خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )

خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )



العقبة الخامسة : عقبة القوادح ، وهي (( العجب ؛ الكبر ؛ الرياء ))

وإنما سميت قادحة من القدح ، وهو الحرق ، فهي الحارقة للأعمال الصالحة التالفة للحسنات

فإن الوقوع في هذه العقبة يعني القضاء على سعينا نحو الجنة ..

ومهما كان سعينا الذي مضى طويل ومهما كانت أعمالنا الصالحة ثقيلة في الميزان وكثيرة

إلا أنها تصبح هباء منثور حين نقع بأحد هذه القوادح أعاذنا الله تعالى منهم ومن سائر العقبات

قال تعالى : { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً } ( الفرقان )

وإن أكثر من يصاب بهذه العقبة هم الدعاة والعلماء والعبّاد النسّاك

لذلك علينا نحن الدعاة إلى الله تعالى أن نتجنب الوقوع في هذه العقبة القادحة الحارقة

وإن وجدنا أننا بدأنا نصاب بها ، نهرع فوراً للعلاج حتى لا تتأصّل بنفوسنا فنهلك وتهلك أعمالنا وأعمارنا في دنيانا

بعدم قبولنا من الله تعالى وفي الآخرة بطرحنا مع أهل النار والعياذ بالله

قال عليه الصلاة والسلام : ( ثلاث مهلكات : شح مطاع ، هوى متّبع ، وإعجاب المرء بنفسه )

وإن أول هذه القوادح هي :

1- قادحة العٌـجْـب


ما هو العجب ؟؟

هو ذكر العبد حصول شرف العمل الصالح بشيء دون الله عزوجل ، من الناس أو النفس والعجب

إما أن يكون مثلثاً ، أي يذكر من ثلالة : ( النفس والخلق والشيء ) مجتمعة

أو يكون مثنى بأن يذكر من اثنين منهم أو موحداً بأن يذكر واحد من الثلاثة

وضد العجب المنّة ..

وهو أن يذكر أنه بتوفيق من الله تعالى وفضل وأنه سبحانه وتعالى من شرّفه وفضّل عليه بالثواب والأجر

وهذا الذكر ( بفضل الله تعالى ) هو فرض على من وجد عنده دواعي العجب ونفل في سائر الأوقات


والمعجب بنفسه أو عمله ينتظر الإحباط ، فإن تاب قبل موته سلم وإلا أحبط

وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

بينما رجل يتبختر في بردين وقد أعجبته نفسه ، خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ـ البخاري


وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الهلاك شيئين ، العجب ، والقنوط

وإنما جمع بينهما لأن السعادة لا تنال إلا بالطلب والتشمير

والقانط لا يطلب والمعجب يظن أنه قد ظفر بمراده فلا يسعى ....

وإن العجب يدعو إلى الكبر لأنه أحد أسبابه ، وإن المعجب قد حجب عنه بإعجابه أمرين :

الأول : يحجب عنه التوفيق والتأييد من الله تعالى فإن المعجب مخذول هالك


الثاني : أنه يفسد العمل الصالح فكم من سراج قد أطفأته الريح


وكم من عابد قد أفسده العجب وإن كان المقصود والفائدة هي العبادة فإن العجب يحرمه الخير والخير كله

خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )


علاج العجب


إن الله تعالى هو المنعم علينا بإيجادنا وإيجاد أعمالنا وأسباب أعمالنا

فلا مهنى لعجب عامل بعمله ، ولا جميل بجماله ، ولا غني بغناه ، إذ كل ذلك من فضل الله تعالى


فإن قلنا : أن العمل قد حصل بقدرتنا ، فلا يتصوّر العمل إلا بوجودنا أولاً ووجود عملنا مرتبط بإرادتنا وقدرتنا

فمن أين أتت قدرتنا وكل ذلك ؟؟

أليس من الله تعالى ؟!!


نعم كله من عند الله لا منّا ، فإن كان العمل بالقدرة ، فالقدرة مفتاحه ، وهذا المفتاح بيد الله سحانه وتعالى

ومالم نُعطَ المفتاح لا يمكننا العمل كما لو قعدنا عند باب خزانة حصينة مغلقة ومفاتيحها بيد خازنها

ولو جلسنا على بابها لم يمكننا أن ننظر إلى شيء منها إلا أن نعطى مفاتيحها ..

وفي الصحيحين ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( لن يدخل أحداً منكم عمله الجنة

قالوا : ولا أنت يارسول الله ؟

قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ منه وفضل ))


فإن العجب بالنسب وشرف الآباء والأجداد


فعلاج هذا الداء ذكر قوله تعالى : (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) الحجرات

وذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :

(( ياعباس ، وياصفية ، ويافاطمة ، إني لست أغني عنكم من الله شيئاً ، لي عملي ولكم عملكم )) رواه البخاري


ومنه إعجاب العبد برأيه الخاطئ المخالف للكتاب والسنة

قال تعالى :

( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ

فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } ( فاطر )


فعلاج هذا العجب أشد من غيره ، فإن هذا المعجب برأيه لم يُصغ إلى نصح ناصح


فكيف يترك ما يعتقده نجاة ؟


فعلاج ذلك أن يكون متهماً لرأيه أبداً ، لا يغتر به إلا أن يشهد له دليل من الكتاب والسنة

ولن يعرف ذلك إلا بمجالسة أهل العلم وسؤالهم


اللهم إنا نعوذ بك من العجب والكبر والرياء ..

2- الكبر


جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الكبر بطر الحق وغمط الناس )) ( راه مسلم والترمذي )

بطر الحق : رده وعدم الإذعان له

غمط الناس : ازدراؤهم وانتقاص أقدارهم وحقوقهم

وكلتا الشعبتان كانتا في امتناع إبليس من السجود لآدم

{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } ( الأعراف )

فقد توجه أمر الله إليه ولكنه رد هذا الحق ورفض الإذعان له معلناً فضله على آدم واحتقاره لشأنه .

وإن الكبر صفة من صفات نزوع النار واستطالتها واستعلائها وإرادة الارتفاع

فقد أخبر الله تعالى أن الشيطان خلق من نار فقال : (( وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ )) ( الرحمن )

ومن خصائص النار :

الاستعلاء والاستطالة ( الكبر )

الطيش والخفة ( العجلة والغضب )

الإحراق والإتلاف ( نشر الفساد والرذيلة والتفرق والتشتت بين صفوف المسلمين )

قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر )) ( صحيح مسلم )

وقال عليه الصلاة والسلام :

(( يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة في صورة الذَّر ، يطؤهم الناس لهوانهن على الله عزوجل ))

[ مسند أحمد / حديث حسن ]

خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )

فإن الكبر يحرق عمل أكثرهم صلاحاً وألعاهم مرتبة وأشدهم موعظة

فلنحذر يا داعاة الحق يابناة الأمة ياثمرة دعاء الأولياء

يامن تنتظركم الأجيال لتزرعوا حب التوحيد في قلوبها وتغرسوها في أرواحها

فلنحذر الكبر فإنه الحارق الحارق للأجر وللعمل وللتوفيق و للفوز بالجنان

وفي الصحيحين : (( من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إاليه يوم القيامة ))

وإن الكبر خلق باطن تصدر عنه الأعمال فهي ثمرته ، فيظهر على الجوارح

وذلك الخلق هو رؤية النفس على المتكبرعليه ، يعني يرى نفسه فوق الغير في صفات الكمال

فعند ذلك يكون متكبراًوبهذا ينفصل عن العجب ، فالعجب لا يستدعي غير المعجب

حتى لو قدر أن يخلق الإنسان وحده تصور أن يكون معجباً، ولا يتصور أن يكون متكبراً

إلا أن يكون مع غيره وهو يرى نفسه فوقه ، فإن الإنسان متى رأى نفسه بعين الاستعظام ، حقر من دونه وازدراه



إذاً الفرق بين العجب والكبر

1- العجب : هو ذكر العبد حصول شرف العمل الصالح بشيء دون الله عزوجل

الكبر : هو رؤية النفس على المتكبر عليه

2- العجب : يرى نفسه بعين الرضى

الكبر : يرى نفسه بعين الاستعظام

3- العجب : لايستدعي غير المعجب

الكبر : يستدعي أن يكون مع غيره

4- العجب : ضده المنّة والفضل لله

الكبر : ضده الخشوع والانكسار لله ، والتواضع لخلق الله

5- العجب : ينسب الصلاح والعطاء لنفسه

الكبر : ينسبه ويزدري الخلق من حوله

6- العجب : يحجب عن التوفيق من الله

الكبر : يحجب عن الجنة ويطرح في النار

7- العجب : العجب يوصل إلى الكبر

الكبر : الكبر يوصل إلى الرياء

8 - العجب : الذرة منه ممكن أن يتجاوز عنها من الله تعالى بالاستغفار

الكبر : الذرة منه توجب النار ولايتجاوز عنها إلا بالانكسار لله والتواضع للعباد

9- العجب : جُبلت النفس على الإعجاب بذاتها

الكبر : من صفات النار جُبل عليه الشيطان

10- العجب : طبع غير مكتسب نتجنبه بذكر الله

الكبر : طبع مكتسب ، وعلاجه بالاستئصال

( معرفة نفسه و ضعفها .... ومعرفة ربه وعظيم قدرته )

خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )


ومن شر أنواع الكبر


ما يمنع من استفادة العلم وقبول الحق والانقياد له

قال تعالى : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } ( النمل )

وهذا الاستكبار هو تكبر على الله ورسوله والعياذ بالله

أيضاً التكبر على العباد وهو اختقارهم واستعظام نفسه عليها وذلك بأن يدعو إلى التكبر على أمر الله تعالى

كما حمل إبليس كبره على آدم عليه السلام فمنعه عن الامتثال لأمر ربه في السجود ...


وإن العلماء والعباد في هذه الآفة على ثلاث درجات :

الأولى : أن يكون الكبر مستقراً في قلب الإنسان منهم ، فهو يرى نفسه خيراً من غيره 

إلا أنه يجتهد ويتواضع ، ويفعل فعل من يرى غيره خيراً من نفسه

فهذا في قلبه شجرة الكبر مغروسة ، إلا أنه قطع أغصانها


الثانية : أن يظهر لك بأفعاله من الترفع في المجالس والتقدم على الأقران والإنكار على من يقصّر في حقه

فترى العالم يصعّر خده للناس ، كأنه معرض عنهم ، والعابد يعيش ووجهه كأنه مستقذر لهم


وهذان قد جهلا ما أدب الله به نبيه صلى الله عليه وسلم

قال تعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) ( الحجرات )

وقال تعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( الشعراء )


الدرجة الثالثة : أن يظهر الكبر بلسانه

كالدعاوى والمفاخر وتزكية النفس وحكايات الأحوال في معرض المفاخرة لغيره


وكذلك التكبر بالنسب ، فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب وإن كان أرفع منه عملاً


قال ابن عباس :

يقول الرجل للرجل : أنا اكرم منك ، وليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوى


وكذلك التكبر بالمال والجمال والقوة وكثرة الأتباع ونحو ذلك

فالتكبر بالمال اكثر مايجري بين الملوك والتجار

وأما التكبر بالأتباع والأنصار فيجري بين الملوك بالمكاثرة بكثرة الجنود وبين العلماء بمكاثرة المستفيدين .

وفي الجملة فكل ما يمكن أن يعتقد كمالاً فإن لم يكن في نفسه كمالاً ، أمكن أن يتكبر به

حتى إن الفاسق قد يفتخر بكثرة شر الخمر والفجور لظنه أن ذلك كمال

خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )

خصال المتكبر

من خصاله : أن يصعّر وجهه ، والنظر شزراً وإطراق الرأس والجلوس متربع أو متكئ

وفي أقواله وفي صوته ونغمته وصيغته في إيراد الكلام

وفي مشيته وتبختره وقيامه وقعوده وحركاته وسكناته وسائر تقلباته


وأن يحب قيام الناس له وفي ذلك نوعين :

1- قيام الناس على رأسه وهو قاعد فهذا منهي عنه

قال عليه الصلاة والسلام :

(( من أحب أن يتمثّل له الرجال فليتبوأ مقعده من النار )) رواه أبو داود وإسناده صحيح


وهذه عادة الأعاجم والمتكبرين

2- قيام عند مجئ الإنسان ، فقد كان السلف لا يكادون يفعلون ذلك

قال أنس : لم يكن شخص أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته لذلك ... ( الترمذي باسناد صحيح )


وأن لا يمشي إلا ومعه أحد يمشي خلفه ، وأن لايزور أحداً تكبراً على الناس

وأن لا يستنكف من جلوس أحد إلى جانبه أو مشيه معه ، ومنها أن لا يتعاطى بيده شغلاً في بيته

وهذا بخلاف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأن لا يحمل متاعه من سوقه إلى بيته

ومن أراد ان ينفي الكبر عن نفسه ويستعمل التواضع في حياته فعليه بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام

والله تعالى أعلم ...



معالجة الكبر واكتساب التواضع

إن الكبر من المهلكات وإن مداواته فرض عين ولمعالجته مقامان :

الأول : استئصال أصله وقطع شجرته وذلك بأن يعرف الإنسان نفسه ويعرف ربه

فإذا عرف نفسه حق المعرفة ، علم أنه أذل من كل ذليل

ويكفيه أن ينظر في أصل وجوده بعد العدم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة

فصار بقدرة الله تعالى شيئاً مذكورا بعد أن كان جماداً لا يسمع ولا يرى ولا يحس ولا يتحرك

فقد ابتدأ بموته قبل حياته وبضعفه قبل قوته وبفقره قبل غناه

فبأي وجه يتكبر ويفتخر ؟؟

ثم إن الله تعالى قد سلط على العبد الطباع المتضادة والأمراض الهائلة

حتى يتذكر أنه لا يملك نفسه ولا جسده ولا قوته إنما هي ملك الله تعالى وحده

فالعبد لايملك لنفسه ضراً ولانفعا

بينما هو يذكر الشيء فينساه ويستلذ بالشيء فيرديه ويوم الشيء فلا يناله ثم لا يأمن أن يسلب حياته بغتة ..

هذا أوسط حاله ، وذاك أول أمره ، وأما آخره

فالموت الذي يعيده جماداً كما كان ، ثم يلقى في التراب فيصير جيفة منتنة وتبلى أعضاؤه وتنخر عظامه

ويأكل الدود أجزاؤه ويعود تراباً يعمل منه الكيزان ويعمر منه البنيان 

ثم بعد طول البلى تجمع أجزاؤه المتفرقة ويحضر عرصة القيامة ، فيرى أرضاً مبدلة وجبالاً مسيرة

وسماءً منشقة ونجوماً منكدرة وشمساً مكوَّرة وأحوالاً مظلمة وجحيماً تزفر وصحائف تنشر

ويقال له : { اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } ( الإسراء )

فيقول : وما كتابي ؟

فيقال : كان قد وكل بك في حياتك التي كنت تفرح بها وتتكبر بنعيمها ، مَلكان يحصيان ما تنطق به وتعمل

من قليل وكثير ، وقيام وقعود وأكل وشرب وقد نسيت ذلك وأحصاه الله تعالى

فهلم إلى الحساب عليه وأعد جواباً له ، وإلا فمُساق إلى النار

فإن صار إليها فالبهائم أحسن حالاً منه لأنها تعود إلى التراب أما هو فإلى النار ..

فعلى ماذا يتكبر ؟ وكيف يتكبر ولم يتكبر ؟؟

وهل يسلم أحدنا من ذنب يستحق العقوبة ؟!!

أفترانا نتكبر على الذنب والعقوبة أم على النارالتي سنطرح بها والعياذ بالله

فلنحذر الكبر ولنتذكر أن الدنيا سجن فهل نتكبر على الآخرين ونحن أسرى في السجن ... سبحان الله

ومن العلاج العملي للتخلص من الكبر :

التواضع بالفعل لله تعالى ولعباده وذلك بالمواظبة على استعمال خلق المتواضعين

فالتواضع : هو تجمّل النفس بالخضوع ومنعها عن الترفع على الناس والاستخفاف بهم

وحملها على احترامهم مهما اختلفت درجاتهم وتباينت مشاربهم ، والتواضع يدل على طهارة النفس وسلامة الذوق

فكم رفع التواضع أقواماً فكانواهم الأُلى فازوا برضا ربهم والفضل العظيم

وكم خفض الكبر آخرين فحلّ عليهم غضب الرحمن وباؤوا بالخسران المبين

الثاني : فيما يعرض من التكبر بالأنساب 

فمن اعتراه الكبر من جهة النسب

فليعلم أن هذا تعزّز بكمال غيره ،ثم إن أباه القريب الذي يتفاخر به قد خلق من نطفة

وأن جده البعيد الذي يتكبر بنسبه له هو الآن جيفة

ومن اعتراه الكبر بالجمال فلينظر إلى باطنه نظر العقلاء ولا ينظر إلى ظاهره نظر البهائم

ومن اعتراه الكبر من جهة القوة فليعلم أنه لو آلمه عرق عاد أعجز من كل عاجز

وإن حُمّى يوم تحلحل من قوته مالايعود في مدة ، وإنَّ شوكة لو دخلت في رجله لأعجزته

ومن تكبر بسبب الغنى

فإذا تأمل خلقاً من اليهود وجدهم أغنى منه

فأفٍّ لشرف تسبق به اليهود ويستلبه السارق في لحظة فيعود صاحبه ذليلاً

ومن تكبر بسبب العلم

فليعلم أن حجة الله تعالى على العالم أكبر من الجاهل وليتفكر في الخطر العظيم الذي هو بصدده

فإن خطره أعظم من خطر غيره ..

وإن الكبر لا يليق إلا بالله سبحانه وتعالى وأنه إذا تكبر صار ممقوتاً عند الله تعالى بغيضاً عنده

وقد أحب الله تعالى منه التواضع الذي هو وسط مابين الكبر والمذلة والنقصان .. والله أعلم

خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )

3- الرياء


الرياء : هو إظهار العبادة بقصد رؤية الناس لها ( والقصد يعني النية )

يعني لا يبتغي وجه الله تعالى إنما أن يراها الناس

والرياء ضده : الإخلاص

وإن الرياء يوجب رد العمل مهما كان العمل صالحاً + فضيحتين + مصيبتين

رد العمل الصالح :

ففي الحديث القدسي ، قال الله تعالى :

(( أنا أغنى الأغنياء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) ( مسلم )

وفي لفظ : ( وأنا منه بريء وهو للذي أشرك ) ( ابن ماجة )

ومن حديث هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد ، فأتي به ، فعرّفه نعمه فعرفها

قال : فماعملت فيها ؟

قال : قاتلت فيك حتى استشهدت

قال : كذبت ، ولكنك قاتلت ليقال : هو جريء ، وقد قيل

ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي في النار ...

ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها

قال : فماعملت فيها ؟

قال : تعلمت العلم وعلّمت وقرأت فيك القرآن ؟

قال : كذبت ، ولكنك تعلمت ليقال : هو عالم وقارئ ، وقد قيل

ثم أمربه فسحب على وجهه حتى ألقي في النار...

ورجل آتاه الله من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها

قال : فما عملت فيها ؟

قال : ما تركت سبيلاً من سبيل الخير تحب أن تنفق فيها لك إلا وأنفقت فيها لك

قال : كذبت ، ولكنك أنفقت ليقال : هو جواد وقد قيل

ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ... "

ولما سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه هذا الحديث بكى حتى أغشي عليه ..

انظروا إلى الفارق بين قلوبنا وقلوبهم ، بكى حتى غشي عليه ولما أفاق قال : صدق الله ورسوله

أما الفضيحتين :

1- فضيحة السر : وهي اللوم على رؤوس الملائكة

كما ورد في الأثر : أن الملائكة تصعد بعمل العبد مبتهجين به

فيقول الله تعالى : ردوه إلى سجين فإنه لم يردني به..

فيفتضح ذلك العمل والعبد عند الملائكة

2- فضيحة العلانية : وهي يوم القيامة على رؤوس الخلائق

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( إن أخوف ماأخاف عليكم الشرك الأصغر .

قالوا : يا رسول الله : وما الشرك الأصغر ؟

قال : الرياء ، يقول الله عزوجل لهم يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم :

اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)) ( رواه ابن ماجة )

أما المصيبتان :

1- فوت الجنة

2- دخول النار

قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } ( هود )

وقال تعالى :

( مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً .

( وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً .

( كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً  ) ( الإسراء )


خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )

والرياء نوعين جلي وخفي :


الرياء الجلي : هو الذي يبعث على العمل ويحمل عليه

الرياء الخفي : لايبعث على العمل بمجرده لكنه يخفف العمل الذي أريد به وجه الله تعالى

ومثاله كالذي اعتاد على التهجد كل ليلة وثقل عليه فإذا نزل عليه ضيف نشط له وسهل عليه


خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )


علاج هذه القادحة المخيفة :


1- إن أصل الرياء حب الجاه والمنزلة

لذلك علينا الابتعاد عن لذة المدح وعدم الفرار من ألم الذم والبعد عن الطمع فيما بين أيدي الناس

2- دفع هذه القادحة بتعويد النفس إخفاء العبادة وإغلاق الأبواب دونها كما تغلق الأبواب دون الفواحش

حتى يقنع القلب بعلم الله وإطلاعه على عبادته وحتى لاتنازعه نفسه في طلب علم غير الله بأعماله وعباداته

3- دفع القادحة أثناء العبادة وذلك لابد من تعلمه أيضاص

فإن من جاهد نفسه وقلع مغارس الرياء من قلبه بالقناعة وإسقاط نفسه من أعين الناس واحتقار مدحهم وذمهم

فإن الشيطان لايتركه في أثناء العبادة بل يعارضه بخطرات الرياء

فإذا خطر له معرفة الخلق بعبادته وإطلاعهم عليها

دفع ذلك بأن يقول : مالك وللخلق علموا ام لم يعلموا والله عالم بحالك فأي فائدة من علم غيره ؟؟

خطوات دعوية -30- عقبات تعيق الداعية -5- عقبة القوادح ( العجب ، الكبر ، الرياء )

شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©