مساحة إعلانية

الرئيسية / / هلموا نزدد إيمانًا ..!

هلموا نزدد إيمانًا ..!



إن الإيمان الحقَّ بالله إذا استحكم في القلب استحكامًا صادقًا

قذَفَ الله في ذلك القلب نورًا يشعُّ على صاحبه ، وهداية تدفعه لكلِّ خير

وإحساسًا يجعله يشعر بمن هم في حاجةٍ وكرب ، وهَمًّا يجعله يشعر بهموم الآخَرين من حوله


بل ويتعدَّى ذلك إلى أن هذا الإيمان الصادق والمعرفة الحقَّة بالله تصل بالعبد إلى أن يكون عبدًا ربانيًّا

يتكلم بكلام الله ، وينطق برحمات الله ، ويسعى إلى رحمة عباد الله ، ويتحوَّل إلى كتلة من النُّور

وشعاعٍ يشعُّ به على الناس بكل الخير ، وعظيم السرور ، فيلين الجانب ، ويُساعد المحتاج ، ويُطبِّب العليل

ويَصنع الخير ، ويُغلق الشَّر ، ويتحول إلى منارةٍ وشامة وعلامةٍ في دنيا أصابها الزمان بعطَبٍ في نفوسِ كثيرٍ من الناس


فصارت قاسية لا تتأثَّر ، ولا تتحرَّك حتى في مجرد محاولة تغيير النَّفس إلى ما فيه خيريَّتُها قبل خيرية الآخرين .


دعاء و رجاء :

اللهم ارزقنا إيمانًا حقًّا ، وصدقًا ، واجعلنا شامة وعلامة ، وأئمةً في كل ميدان ، ولا تجعلنا من القاسية قلوبُهم .

قال تعالى في سورة المؤمنون :

" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ *

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ

فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ *

أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "
[ المؤمنون : 1- 11 ] 

وقد منهجَت الآيات كوكبةً رائعة جميلة لبعض مقتضيات الإيمان وشرطيَّة الحصول على الفلاح الذي به وعد الكريمُ

الرحمن - سبحانه ذو الجلال والإكرام - وهي :-


هلموا نزدد إيمانًا ..!
خشوعٌ في الصلاة .

إعراض عن اللَّغو .

إيتاء للزكاة .

حفظ للفروج - إلا على الحلال -

الذي أباحه الله من الزَّوجات وما ملكَت الأيمان .

رعاية وحفظ للأمانات .

محافظةٌ على الصلوات .

 روي عن سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله لأصحابه : " هلمُّوا نزدَدْ إيمانًا " .

وكان سيدنا عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - يدعو فيقول : " اللهم زِدنا إيمانًا ويقينًا وفقهًا " .

الإخلاص طريقُ المؤمنين

والإخلاص عند المؤمنين طريقٌ لا غنى عنه؛ فهُم يجعلون الله غايتهم ومقصدهم من كلِّ صغيرة وكبيرة

يسعون ويعملون ، ويصلُّون ويعبدون ، ويفعلون الخيرات ؛ من أَجْل أن يرضى الله - وحده - عنهم

فهو المقصد من نيَّاتِهم وكل تحرُّكاتهم ، فهم قد فقهوا قول نبيِّهم : " إنَّما الأعمال بالنيَّات ، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى ... "

خلاصة :

 إنْ كتب الله لعبده الإخلاص كُتب - بإذنه تعالى - مِن المؤمنين .

رجاء :

 اللهم اجعل أعمالَنا لك خالصة ، ولوجهك متَّجِهة ، وعندك مُتقبَّلة ، وارزقنا بحقِّها رضاك .

صلاة المؤمنين :

إن المؤمنين في صلاتهم يخشعون ، وعليها دائمًا يحافظون .

إنَّها المُجاهَدة الضرورية التي يُمارسها المؤمنون في صلواتهم حتى اتَّصفوا بصفة المؤمنين .

فالخشوع في الصلاة ، والمحافظة عليها ..

ما هُما إلا تذلُّل للخالق ، وخوفٌ من شديد البطش ، وسُكونٌ إلى الرحمن الرحيم .

والخشوع في الصلاة ، والمحافظة عليها ..

ما هما إلا ثمرة لممارسات سبقَتْهما حتى أدَّت إليهما ، ووصفت المؤمنين بوصفيهما .

هكذا خشعوا ، وهكذا عليها حافظوا :

استحضروا جلال الله وهيبتَه وعظَمتَه عند سماع صوت المؤذِّن يعلو : " الله أكبر"

وآمَنوا أنه سبحانه أكبَرُ مِن كلِّ عمل يمارسونه في وقت صلاتهم

فتركوا الأعمال ، وشدُّوا إلى الله الرحال ، وإلى مُصلاَّهم وقبلتهم .

جلسوا باطمئنانٍ ، يستبشرون ببيعهم الذي بايعوا ؛ فلِقاء الجليل حان ، والأبواب فُتحت من الجنان

والهرب الأكيد للشيطان كان ، وإذا قضى الله الأجَل كان منه الرِّضا ، وحُسن الختام .

استجمعوا تفكيرهم وطاقاتهم مع الإمام ، وتدبروا الآيات ، فوجدوا وعدًا ووعيدًا استدعى تعوُّذَهم منه

ووجدوا جنة ونعيمًا استدعى شوقهم وطلبهم وسؤالَهم .

قلَّلوا من حركات الجسد أثناء الصلاة

وعلموا أنَّ من خشع قلبه خشعَتْ جوارحُه ، وسكنت عن الحركة ، وصارت معلَّقة بأعالي الجنان .

استحضروا أنَّ هذه الصلاة التي يصلُّونها هي آخر ما سيكون من صلاةٍ ، فجعَلوها صلاةَ توديعٍ ووداع .

أغلقوا هواتفهم المحمولة ؛ لإيمانهم بأنَّ الصلاة صلة بالله ، ومع الله ، ويجب قَطْع غيرها من الاتِّصالات مع الناس .

نظروا محلَّ سجودهم ، ولم يلتفتوا يَمْنَة ولا يَسْرة ، وكأن على رؤوسهم طيرًا .

المحاسبة سَمْت المؤمنين :

ازداد المؤمنون إيمانًا بأن عاشوا عيش الصَّالحين الربانيِّين ، فداوموا على محاسبة أنفسهم حسابًا شديدًا

لإيمانهم بأنَّها الدواء من كل داء ، والشِّفاء من كل سقم وبلاء ، والمطهِّرة للبدن

والرَّافعة للشأن والقَدْر عند مليك مقتدِر ، بل عند كلِّ البشر ، وانتبهوا بأن الأيام مُسرعةُ

والشهر والشهران يتبع بعضهما بعضًا ، وكأنهما ينطويان طيًّا .

فكانت محاسبتهم شاملة لكلِّ مجريات اليوم من أمور تتعلَّق برب الجلال ، وأُخرى تتعلق بعباده - سبحانه وتعالى -

متذكِّرين في ذلك إمام التقوى عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - عندما سُئل عن التقوى : ما التَّقوى يا إمام ؟

فقال : " هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتَّنْزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل " .

ولمَّا آمن المؤمنون بأهمية التقوى أوقفوا أنفسهم عندها وراجعوها ، فتحقَّقت فيهم خيريَّةٌ عظيمة .

دعـاء :

اللهم اجعلنا - يا جليلُ - مِمَّن يخافونك ، ويعملون حقًّا بِمُحكم تَنْزيلك ، ويقنعون بعطاء قليلِك

ويستعِدُّون ويشمِّرون ليوم رحيلِهم ، ولَحْظة خروج أرواحِهم ، ووقتِ إنزالهم إلى وحشة قبورِهم .

كيف يُحاسِب المؤمنون أنفُسَهم ؟

إن المؤمنين يُحاسِبون أنفسهم على صلاة الفرائض ؛ أكانت على وقتها ، وبخشوعها ، وبحقِّها ؟

هلموا نزدد إيمانًا ..!
إن المؤمنين يحاسبون أنفسهم على السُّنن الرَّاتبة

هل أتَمُّوها بثِنتي عشرة ركعة ليفوزوا بقصر في الجنة ؟؟

أم حرَموا أنفسهم من قصرهم في يومهم ؟

المؤمنون إذا وقعوا في غيبة ونميمة

استغفروا وأنابوا ، ورجعوا ، وكفَّروا عن ذلك .

المؤمنون إذا أساؤوا لأحد بفعالهم أو بألسنتهم

راضوهم وأكرموهم ، وتحببوا إليهم تحبُّبًا ، وتصافَوْا معهم تصافيًا

ولم يناموا يومَهم وهم يحملون بغضًا لغيرهم ؛ طمعًا في جنة ربِّهم .

المؤمنون يتصدَّقون ويُنفقون لربِّهم ، ويحبُّون العمل لدينهم .

وهم خيرُ مَن يفقهون قولَه تعالى : " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ " [ التوبة : 111 ]

فأنفَقوا لتكون لهم الجنَّة ، وعملوا لدينه ؛ لينالوا شرف التأسِّي بالأنبياء ، لِتَربح بذلك تجارتُهم مع الله - عزَّ وجلَّ .

المؤمنون إذا أذنَبوا استغفروا وتابوا

واستشعروا رضا ربِّهم ورحمتَه، ولَم يُسوِّفوا ولم يؤجِّلوا ولم يقولوا للإنابة والرجعة : غدًا موعدنا .

وهكذا راقبوا أنفسهم وحاسَبوها ؛ إيمانًا منهم ويقينًا بأنه مَن يُحاسِب اليوم نفسَه هان عليه الحسابُ يوم الحساب .

الاستقامة طموح المؤمنين :

فالمؤمنون ما إن ينتهوا من الطَّاعة إلا ويدخلون في غيرها ، ويُتَرجمون على الدوام بما تَحمله قلوبُهم من الإيمان

فالاستقامة ترجمة فعلية لإيمان القلوب ؛ " قل آمنتُ بالله ، ثم استقم " .

والمؤمنون يُكْثِرون من دعاء الفاتحة : " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " [ الفاتحة : 6 ] .

وهم خيرُ مَن يعلمون قولَ خالقِهم : " وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا " [ الجن : 16 ] .

خاتمة ودعاء :

اللهم إنَّك سألتنا من أنفسنا ما لا نملكه إلاَّ بك

اللهم أعطنا مِنها ما يُرضيك عنَّا ، واجعَلْنا من المؤمنين حقًّا وصدقًا

 اللهم سيِّرنا ولا تُخيرنا ، اللهم خُذ منَّا ، وتولَّ أمرنا عنا

اللَّهم اشْغَلنا بك ، وهَبْ لنا هبةً لا سعة فيها لغيرك ، إنَّك أنت العزيز الوهَّاب .

اللهم اقطع عنَّا كلَّ قاطع يقطَعُنا عنك ، اللهم تَوَلَّنا ، ولا تُوَلِّ علينا غيرك

اللهم إنَّا نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، اللهم اجعلنا من المرحومين ، ولا تجعلنا من المَطْرودين .

 اللهم يا من يَمْلك حوائج السَّائلين ، ويعلم ضمائر الصَّامتين ؛ فإن لكلِّ مسألة منك سمعًا حاضرًا، وجوابًا عتيدًا

ولكل صامت منك علمًا ناطقًا محيطًا ، نسألك برحمتك الواسعة أن تجعلنا من المؤمنين ، وعلى هَدْيِ سيِّد المرسلين

 آمين ، برحمتك يا أرحم الراحمين ...


شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©