مساحة إعلانية

الرئيسية / / مختصر السيره - فوائد الهجره ومشروعية الجهاد بالمدينه (7)

مختصر السيره - فوائد الهجره ومشروعية الجهاد بالمدينه (7)



وفوائد الهجرة والمسائل التي فيها كثيرة ، لكن نذكر منها مسألة واحدة . وهي :
أن ناسا من المسلمين لم يهاجروا ، كراهة مفارقة الأهل والوطن والأقارب ، فهو قول الله تعالى :  قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين  .
فلما خرجت قريش إلى بدر : خرجوا معهم كرها . فقتل بعضهم بالرمي ، فلما علم الصحابة : أن فلانا قتل ، وفلانا قتل ، تأسفوا على ذلك وقالوا : قتلنا إخواننا . فأنزل الله تعالى فيهم :  إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض  إلى قوله :  وكان الله غفورا رحيما  .
فليتأمل الناصح لنفسه هذه القصة ، وما أنزل الله فيها من الآيات . فإن أولئك لو تكلموا بكلام الكفر ، وفعلوا كفرا ظاهرا يرضون به قومهم : لم  - ص 38 - يتأسف الصحابة على قتلهم . لأن الله بين لهم - وهم بمكة - لما عذبوا قوله تعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان  .
فلو سمعوا عنهم كلاما أو فعلا يرضون به المشركين من غير إكراه ، ما كانوا يقولون : " قتلنا إخواننا " .
ويوضحه قوله تعالى :  قالوا فيم كنتم  ولم يقولوا : كيف عقيدتكم ؟ أو كيف فعلكم ؟ بل قالوا : في أي الفريقين كنتم  ؟ فاعتذروا بقولهم :  كنا مستضعفين في الأرض  فلم تكذبهم الملائكة في قولهم هذا ، بل قالوا لهم  ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها  ويوضحه قوله  إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا  فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا  .
فهذا في غاية الوضوح . فإذا كان هذا في السابقين الأولين من الصحابة فكيف بغيرهم ؟
ولا يفهم هذا إلا من فهم أن أهل الدين اليوم لا يعدونه ذنبا .
فإذا فهمت ما أنزل الله فهما جيدا . وفهمت ما عند من يدعي الدين اليوم ، تبين لك أمور :
 - ص 39 - منها : أن الإنسان لا يستغني عن طلب العلم . فإن هذه وأمثالها : لا تعرف إلا بالتنبيه . فإذا كانت قد أشكلت على الصحابة قبل نزول الآية ، فكيف بغيرهم ؟
ومنها : أنك تعرف أن الإيمان ليس كما يظنه غالب الناس اليوم ، بل كما قال الحسن البصري - فيما روى عنه البخاري : ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال .
نسأل الله أن يرزقنا علما نافعا ، ويعيذنا من علم لا ينفع .
قال عمر بن عبد العزيز : يا بني ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ، ولكن الخير أن تعقل عن الله ، ثم تطيعه . 
. . . . . . . . . .
ولما هاجر المسلمون إلى المدينة ، واجتمع المهاجرون والأنصار : شرع الله لهم الجهاد . وقبل ذلك نهوا عنه ، وقيل لهم : كفوا أيديكم  فأنزل الله تعالى :  كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون  فبذلوا أنفسهم وأموالهم لله تعالى ، رضي الله عنهم ، فشكر الله لهم ذلك ، ونصرهم على من عاداهم ، مع قلتهم وضعفهم ، وكثرة عدوهم وقوتهم .
فمن الوقائع المشهورة ، التي أنزل الله فيها القرآن : وقعة بدر ، قد أنزل الله فيها سورة الأنفال ، وبعدها وقعة قينقاع ، ثم وقعة أحد بعد سنة ، وفيها  - ص 40 - الآيات التي في آل عمران وبعدها وقعة بني النضير ، وفيها الآيات التي في سورة الحشر ، ثم وقعة الخندق ، وبني قريظة ، وفيها الآيات التي في سورة الأحزاب ثم وقعة الحديبية ، وفتح خيبر . وأنزل الله فيها سورة الفتح . وفتح مكة . ووقعة حنين وأنزل الله فيها سورة النصر . وذكر حنين في سورة براءة . ثم غزوة تبوك وذكرها الله في سورة براءة .
ولما دانت له العرب ، ودخلوا في دين الله أفواجا ، وابتدأ في قتال العجم : اختار الله له ما عنده . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد ما أقام بالمدينة عشر سنين . وقد بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، فوقعت الردة المشهورة .
. . . . . . . . . .

وذلك : أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارتد غالب من أسلم ، وحصلت فتنة عظيمة ، ثبت الله فيها من أنعم عليهم بالثبات ، بسبب أبي بكر الصديق رضي الله عنه . فإنه قام فيها قياما لم يدانه فيها أحد من الصحابة ، ذكرهم فيه ما نسوا . وعلمهم ما جهلوا . وشجعهم لما جبنوا . فثبت الله به دين الإسلام . جعلنا الله من أتباعه وأتباع ما حمله أصحابه .
قال الله تعالى  يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله  الآية  قال الحسن : هم والله أبو بكر وأصحابه .

شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©