نشأة الرافضة - الشيعة الإمامية الإثنا عشرية ،،،
سبب تسميتهم بالرافضة :
يرى جمهور المحققين أن سبب اطلاق هذه التسمية على الرافضة :
هو رفضهم زيد بن علي وتفرقهم عنه بعد أن كانوا في جيشهيقول أبو الحسن الأشعرى :
حين خروجه على هشام بن عبد الملك في سنة إحدى وعشرين ومائة
وذلك بعد أن أظهروا البراءة من الشيخين فنهاهم عن ذلك
« وكان زيد بن علي يفضل علي بن أبي طالب على سائر أصحاب رسول الله صلّ الله عليه وسلم
ويتولى أبا بكر وعمر ويرى الخروج على أئمة الجور ، فلما ظهر في الكوفة في أصحابه الذين بايعوه
سمع من بعضهم الطعن على أبي بكر وعمر ، فأنكر ذلك على من سمعه منه ، فتفرق عنه الذين بايعوه
فقال لهم : رفضتموني ، فيقال إنهم سموا رافضة لقول زيد لهم رفضتموني » (9)
وبهذا القول قال قوام السنة (10) والرازي (11) والشهرستاني (12) وشيخ الإسلام ابن تيمية (13) - رحمهم الله -
وذهب الأشعري في قول آخر :
إلى أنهم سموا بالرافضة لرفضهم إمامة الشيخين ، قال : « وإنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمـر» (14)
والرافضة اليوم يغضبون من هذه التسمية ولا يرضونها ويرون أنها من الألقاب التي ألصقها بهم مخالفوهم
« الرافضة لقب ينبز به من يقدم علياً - رضي الله عنه - في الخلافة وأكثر مايستعمل للتشفي والانتقام » (15)
ولهذا يتسمون اليوم بـ ( الشيعة ) وقد اشتهروا بهذه التسمية عند العامة
وقد تأثر بذلك بعض الكتاب والمثقفين فنجدهم يطلقون عليهم هذه التسمية
وفي الحقيقة أن الشيعة مصطلح عام يشمل كل من شايع عليـــاً - رضي الله عنه - (16)
وقد ذكر أصحاب الفرق والمقالات أنهم ثلاثة أصناف :-
- غالية : وهم الذين غلوا في علي - رضي الله عنه - ولربما ادعوا فيه الألوهية أو النبــوة
- ورافضة : وهم الذين يدعون النص على استخلاف علي ويتبرءون من الخلفاء قبله وعامة الصحابة
- وزيدية : وهم أتباع زيد بن علي ، الذين كانوا يفضلون علياً على سائر الصحابة ويتولون أبا بكر وعمر . (17)
فإطلاق « الشيعة » على الرافضة من غير تقييد لهذا المصطلح غير صحيح
لأن هذا المصطلح يدخل فيه الزيدية ، وهم دونهم في المخالفة وأقرب إلى الحق منهم بل إن تسميتهم « بالشيعة »
يوهم التباسهم بالشيعة القدماء الذين كانوا في عهد علي - رضي الله عنه - ومن بعدهم
فإن هؤلاء مجمعون على تفضيل الشيخين على عليّ- رضي الله عنه - وإنما كانوا يرون تفضيل علي على عثمان
وهؤلاء وإن كانوا مخطئين في ذلك إلا أن فيهم كثيراً من أهل العلم ومن هو منسوب إلى الخير والفضل
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - :
« ولهذا كانت الشيعة المتقدمون الذين صحبوا علياً أو كانوا في ذلك الزمان
لم يتنازعوا في تفضيل أبي بكر وعمر وإنما كان نزاعهم في تفضيل علي وعثمـــان » (18)
لذا فإن تسمية « الرافضة » بالشيعة من الأخطاء البينة الواضحة التي وقع فيها بعض المعاصرين
تقليداً للرافضة في سعيهم للتخلص من هذا الاسم لما رأوا من كثرة ذم السلف لهم ومقتهم إياهم
فأرادوا التخلص من ذلك الاسم تمويهاً وتدليساً على من لا يعرفهم بالانتساب إلى الشيعة على وجه العموم
فكان من آثار ذلك ماوقع فيه بعض الطلبة المبتدئين ممن لم يعرفوا حقيقة هذه المصطلحات
من الخلط الكبير بين أحكام الرافضة وأحكام الشيعة ، لما تقرر عندهم إطلاق مصطلح التشيع على الرافضة
فظنوا أن ما ورد في كلام أهل العلم المتقدمين في حق (الشيعة) يتنزل على الرافضة
في حين أن أهل العلم يفرقون بينهما في كافة أحكامهم .
يقول الإمام الذهبي في ترجمة ( أبان بن تغلب ) بعد أن ذكر توثيق الأئمة له مع أنه شيعي :
« فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع وحدّ الثقة العدالة والإتقان ، فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعـــة ؟
وجوابه :
أن البدعة على ضربين :
- فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرّف فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق
فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة
- ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه
والحط على أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - والدعاء إلى ذلك فهذا النوع لايحتج به ولا كرامة ...
إلى أن قال :
فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم :
هو من تكلــم في عثمــان والزبير وطلحــة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً - رضي الله عنه - وتعرض لسبهم .
والغالي في زماننا وعرفنا :
هو الذي يكفّر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين أيضاً ، فهذا ضال مفتر
ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلاً ، بل قد يعتقد علياً أفضل منهما »
المراجع :-
(9) مقالات الإسلاميين ( 1/137)
(10) انظر : الحجة في بيان المحجة ( 2/478 )
(11) انظر : اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ( ص 52 )
(12) انظر : الملل والنحل ( 1/155)
(13) انظر : منهاج السنة ( 1/8 ) ، ومجموع الفتاوى ( 13/36)
(14) مقالات الإسلاميين ( 1/89)
(15) أعيان الشيعة ( 1/20 )
(16) انظر : مقالات الإسلاميين للأشعري ( 1/65) ، والملل والنحل للشهرستاني ( 1/144)
(17) انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ( 1/66،88،137 ) والملل والنحل للشهرستاني ( 1/145)
(18) منهاج السنة ( 1/13)
ليست هناك تعليقات