مساحة إعلانية

الرئيسية / / خطوات دعوية -15- زاد الداعية (2)

خطوات دعوية -15- زاد الداعية (2)


الحمد لله رب العالمين ..

والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ،،

في الحديث عن الزاد الذي يحتاجه الداعية إلي الله ذٌكر في الموضوع السابق - زاد الداعية (1) - الزاد الأول 

وكان يتضمن زادين هامين جداً وهما التقوي والإخلاص ..

ونكمل اليوم إن شاء الله عزوجل مع الزاد الثاني ويتضمن أزواداً عظمية جداً وهامة أيضاً ، وهي : 

العلم + الفهم + العمل

خطوات دعوية -15- زاد الداعية (2)

ما الرابط بين العلم والفهم والعمل ؟؟

عندما نسلك طريق الوصول إلى الجنة بغير دليل يعني بغير علم - العلم النافع -

سعينا سينتهي للضياع والضلال بلا شك ، فمن سلك بغير علم ضل وزل ..


فالعلم الشرعي هو العاصم من الأهواء والشبهات ، وهو الدليل المنير والأنيس في الوحدة

والصاحب في الغربة وهو الحاكم المفرق بين الشك واليقين والغي والرشاد والهدى والضلال ...


فالعلم زاد العقول من الجهل وحياة القلوب من الموت ومصباح الأبصار من الظلمة وقوة الأبدان من الخوف والضعف

فـ بالعلم نعرف الله تعالى ونعبده ونوحده بعبوديتنا وبذلك نكون قد انتقلنا الى العمل ، فلا يزيد عمل من غير علم

والرابط بين العلم والعمل هو الفهم

والعلم الشرعي لا يمنحه الله تعالى إلا للسعداء ولا يُحرم منه إلا الأشقياء ..

لذا فإن أغلى ما يطلب من هذه الدنيا هو العلم ، فلم يأمر الله تعالى نبيه بطلب الإزدياد من شيء من هذه الدنيا

إلا العلم
، فقال : (وقل ربّ زدني علماً ) ( طه )

فالله سبحانه وتعالى قد أكرم أهل العلم بأعلى وأعظم إكرام ..

وهو بأنه قرن شهادة أهل العلم ، بشهادته سبحانه وتعالى وبشهادة الملائكة وهي والله من اعلى الدرجات

قال سبحانه وتعالى : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

فيشهد الله تعالى لنفسه بالوحدانية ( لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) بقوله ( شَهِدَ اللَّهُ ) :

هنا إخبار و إعلام ، أي بيّن وأرشد عباده إلى معرفة توحيده من خلال مخلوقاته وعجيب صنعه ..

فهو أصدق الشاهدين وأعدلهم وأصدق القائلين بأنه ( لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) المنفرد بالالهية ، المستحق الوحيد للعبادة

وأن الجميع عبيده وخلقه فقراء إليه وهو الغني عما سواه والكل يحتاجه ( الصمد )

ويثني سبحانه وتعالى بشهادة ملائكته ويثلث بأهل العلم - وهنا إقرار بمكانة العلماء عند الله تعالى -

قَائِمًا بِالْقِسْطِ
: سبحانه وتعالى دائماً حاله العدل ولاغير العدل .

هُوَ الْعَزِيزُ : الغالب الذي لايقهر سبحانه وتعالى .

الْحَكِيمُ : في أقواله وأفعاله وشرعه .

والحكمة هي وضع الأمر المناسب في المكان المناسب على الشكل المناسب في الوقت المناسب

فكلما كانت معرفتنا بالله تعالى أكبر ، كلما زادت سرعة تنقيذنا لأوامره وشرعه وكان تنفيذنا أكبر

لأن العلم بالله تعالى من خلال ـ الفهم السليم ـ يؤدي إلى تطبيق أوامرالله تعالى التسليم المطلق ـ

قال تعالى : ( أما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى )

معرفة مقام الله تعالى بالعلم النافع هو الذي يبعث عندنا جانب الخوف من الله تعالى والرجاء برضاه والجنة

إذاً : العلم بمقام الله تعالى ، يؤدي إلى الخوف منه سبحانه وتعالى ==>

يؤدي إلى نهي النفس عن هواها فالتسليم المطلق لله تعالى ثم الدخول إلى جنات الرحمن

ولايكفي العلم الشرعي من غير الفهم الصحيح !!

فهم السلف الصالح فهم الصحابة والتابعين الذين شهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهلوا منه العلم الوفير

فطلب العلم الشرعي بنبعيه الصافيين ( الكتاب والسنة )

ثم فهم هذا العلم من أهله ، من حملته ، ممن شهدوا خير القرون والذي يلونه والذي يلونه ...

هو الذي سيوصلنا إلى العمل ، فلا قول ولاعمل بلاعلم ، ولاقول ولاعمل بلا علم بفهم

ولاقول ولاعمل بلا علم وفهم وإخلاص ، ولاقول ولاعمل بلاعلم وفهم وإخلاص وتقوى

وإن من أهم الأسباب لتحصيل العلم الشرعي : ترك الذنوب والمعاصي
بتقوى الله عزوجل ، قال تعالى : ( واتّقوا الله ويُعلّمكم الله والله بكل شيءٍ عليم )

ولهذا كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : إني لأحتسب الرجل ينسى العلم قد علمه بالذنب يعمله

ولما جلس الشافعي بين يدي مالك رحمهما الله ، وأُعجب مالك بذكاء الشافعي وحفظه ، قال له :

يا شافعي إني أرى الله قد جعل في قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية

فإن زل الداعية أو طالب العلم فعليه أن يحدث توبة ..

فالكمال لله وحده والعصمة لأنبيائه ورسله صلوات الله وسلامه عليهم .
أيضاً من الأسباب : عدم الكبر والحياء ..
فالحياء يمنع السؤال والتفقه في الدين وهذا مذموم في هذه الحالة فقط لأن الحياء خيرٌ كله

قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : نِعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين

وقال مجاهد : لا يتعلم العلم مستحي أو مستكبر .

والكبر داء عضال ينخر في العظم فيعطّل حركة الجسم

فلو لم يتكبر كل فرد من أفراد العلم وتعوزه المعرفة أن يذهب إلى العلماء وأن يزاحم مجالسهم ، لما رأينا

مثل هذه الخلافات الحادة التي لا يمكن بحال أن نغض الطرف عنها أو نتجاهلها فلو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف
أيضاً من أسباب تحصيل العلم الشرعي : الإخلاص في طلب العلم
قال صلى الله عليه وسلم :

( من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليُماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار ) رواه الترمذي

فإذا وفق الداعية لتحصيل هذا الزاد وهو العلم الشرعي

فمن الواجب عليه أن يحصل الفهم السليم معه الفهم الدقيق والعميق

فإن سوء الفهم هو أصل كل بدعة وضلالة وهو أصل كل خطأ وخلاف في الأصول والفروع

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :

" هل أوقع القدرية والمرجئة والخوارج والمعتزلة والجهمية والروافض وسائر طوائف أهل البدع 

إلا سوء الفهم عن الله ورسوله .. "


وفي الحديث الصحيح : من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين

يقول ابن حجر :

" يفقهه : أي يفهمه

ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام ومايتصل بها من الفروع فقد حرم الخير "


ولا يكفي طلب العلم وفهمه من دون العمل به ، فالواجب أن نشهد للإسلام شهادتين :

شهادة قولية وشهادة عملية لا تنفصلان ، وإن انفصلتا ولدت بذور النفاق في القلب والعياذ بالله


قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )

فالعلم لا قيمة له بلا عمل

كان عبد الله بن مسعود يقول :  تعلموا فإذا علمتم فاعملوا

وقال أبو الدرداء : لاتكون تقياً حتى تكون عالماً ، ولاتكون بالعلم جميلاً حتى تكون به عاملاً

وقال بعض السلف : لا تتعلم لتتكلم ، ولا تتكلم حتى تتعلم

فكم من مذكّر بالله وهو ناسٍ لله !!

وكم من مخوّف بالله وهو جريء على الله !!

وكم من مقرب إلى الله وهو بعيد عن الله !!

وكم من داعٍ إلى الله وهو فارٌ من الله !!

وكم من تالٍ لكتاب الله وهو منسلخ من آيات الله !!

وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

يُؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيُلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى

فيجتمع إليه أهل النار فيقولون : يافلان ما لكً ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟

فيقول : بلى ، قد كنت آمر بالمعروف ولاآتيه وأنهى عن المنكر وآتيه

..

نسأل الله تعالى السلامة

شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©