إنتهينا في الموضوعات السابقة من العقبات التى على طريق الدعوة
والتى منشؤها خارجي من المحيط الذي يحيط بنا ، المجتمع ، العالم العربي والغربي ...
هناك أيضاً عقبات تعيق الداعية في طريقهويكون منشؤها داخلي !
وتحدث إما نتجة النفس الأمارة بالسوء كالعجب والرياء والكبر ...
أو نتيجة المحيط بنا كالدنيا والشيطان والخلق .
وسنفصّل إن شاء الله كل واحدة ...
1- عقبة قلة العلم
2- عقبة التوبة
3- عقبة العوائق
4- عقبة عدم استواء الذم والمدح
5- عقبة القوادح
6- عقبة البواعث
7- عقبة العوارض
وللتخلص من هذه العقبات علينا إصلاح الداعية بإصلاح نفسه ..
1- عقبة قلة العلم :
وهي أول العقبات التي تعرقل مسيرة المسلم المؤمن في عبادته بشكل عام والداعية إلى الله تعالى بشكل خاص
ذلك لأن العلم والعبادة جوهران كان كل ما نرى ونسمع من تصنيف المصنفين وتعليم المعلمين ووعظ الواعظين
ونظر الناظرين بل لأجلهما أنرلت وأرسلت الرسل بل لأجلهما خلقت السماوات والأرض ومافيهن من الخلق
قال تعالى : ( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن
يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً )
وكفى بهذه الآية دليلاً على شرف العلم لاسيما علم التوحيد
قال تعالى : ( وماخلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون )
وكفى بهذه الآية دليلاً على شرف العبادة ولزوم الإقبال عليها
فأعظم أمرين هما المقصود من خلق الدارين
فحق للعبد أن لا يشتغل إلا بهما ولا يتعب إلا لهما ولا ينظر إلا فيهما
فما سواهما من الأمور باطل لاخير فيه ولغو لا حاصل له ..
ولأن الدعوة إلى الله تعالى من الأعمال التعبدية
فلابد للداعية حين يدعو أن يدعو إلى الله تعالى بعلم ( العلم النافع )
فإن العلم بمنزلة الشجرة والعبادة بمنزلة الثمرة ، فالشرف للشجرة إذ هي الأصل لكن الانتفاع إنما يحصل بثمرتها
لذلك لابد للداعية أن يكون له من كلا الأمرين حظ ونصيب
قال الحسن البصري :
اطلبوا هذا العلم طلباً لا يضر بالعبادة ، واطلبوا هذه العبادة طلباً لا يضر بالعلم .
فالعلم إمام العمل والعمل تابعه ، لماذا هو أصلاً ؟!!
- العلم أصلاً حتى تحصل لدينا العبادة لله تعالى والتسليم ... فيجب علينا ان نعرف المعبود ثم نعبده
- العلم أصلاً لأن به نعرف الواجبات الشرعية وما أمرنا به من حلال وما نهينا عنه من حرام
فكيف نجتب المعاصي ونحن لا نعلم أنها معاصي
ونداوم على العبادات ونحن لا نعلم ماهي العبادات التي ترضي الله تعالى
فربما أنت مقيم على شيء سنين وأزمان مما يفسد عليك طهارتك وصلواتك أو لا يوافق عملك السنة الشريفة
أو ربما قد اعترضك مشاكل في حياتك لا تجد من تسأله ولم تتعلم حكم هذه المشاكل ..
فالداعية عليه أن يتعلم دين الله تعالى من أهل العلم والذَكر قبل أن يدعو الناس إلى دين الله حتى لا يحبط عمله
فربما دعا إلى محرم وهو يظنه أنه حلال ، وربما دعا إلى ما استحله وهو عند الله تعالى حرام
والعبادات لا تقتصر على الصلاة والصيام والزكاة إنما أيضاً التوكل والرضا والتفويض والصبر والتوبة والإنابة
أيضاً إن قلة العلم تؤدي إلى التلكؤ في التنفيذ والتطبيق
فكلما تعرفنا على الله تعالى ( على مقامه وقدراته وعطائه...)
كلما كان عطاؤنا في الدعوة إلى الله تعالى أكبر وعملنا أسرع وأدوم ، لانتثاقل ولانتكاسل ولانيأس ولانتخاذل
فعندما أتعرف على الله تعالى من خلال العلم بخلق الله ، أحبه سبحانه وتعالى وأتعلق به
ويصبح حبّه دافعاً كبيراً لطاعته فلاأجد لنفسي شأن ولاقيمة لولا منّه وفضله عليّ
وتصبح أعمالي لا قيمة لها أمام عظمة الله تعالى وقدرته
هذه هي الطاعة التي ربّى الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
فطاعوا الله تعالى بحب وأدوا الرسالة وبلّغوها ولم يتململوا أو يتذمروا لأن نسبة علمهم أكبر بكثير من عملهم
فإذا كان علم الداعية يبلغ الدرجة 100 فهو يعمل بما يقابله من أعمال درجة لنقل 10
عندما يزداد العلم ضعف يعني 100 × 100 = 10000
يكون العمل يقابله 10× 10 = 100
وهكذا يجد الداعية المتعلم أنه لم يقدم أي شيء أمام فضل الله تعالى وكرمه
مثال آخر :
تعلمت من العلم النافع للدرجة 200 وهذا دفعني لأن أعمل 20
دائماً العمل يكون بالبداية أقل من ذخيرة العلم لا يساويه
زاد علمي الضعف مثلاً : 200 × 200 = 40000
فدفعني علمي لتقديم المزيد من الطاعات لنقل كنا 20 × 20 = 400
أبقى مع زمرة الذين تعلموا بخشية وعملوا بخشوع مما يدفعني دائماً للاستمرار ولا أصاب بالعجب والغرور
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : لو أن أهل الأرض دخلوا الجنة إلا رجل لظننته أنا
سبحان الله لاحظتم كم انتقع بهذا العلم
وليس كحالنا نعمل ونعجب بعملنا ونشعر اننا حققنا الفوز بالجنة ، لكن هيهات هيهات
مثال آخر :
تعلمت للدرجة 300 ودفعني علمي للطاعة للدرجة 30 وتوقف علمي إلى الدرجة 300
يعني لم أعد أتلقى العلم الشرعي وبقي عملي يزداد 40 .. 50 ..... 100 ....120 .. 130 ....
والعلم ما زال واقفاً عندي لا يزداد ...
وأتقدم بالصالحات ...... 200 .... 250
إلى أن يصبح عملي = علمي : 300 = 300
هنا أقف بالعمل بدايةً لأني سأشعر بأني قمت ما علي وربما زيادة والعياذ بالله
فقد وافق علمي = عملي
وهنا تمكث خطورة هذه العقبة ، وهذا الشعور الذي إذا لم يـٌدعم بجرعات جديدة من العلم الشرعي
يبدأ الداعية بالتراجع والتخاذل والانهيار .. يعني مرحلة التراجع
فلدينا 3 حالات :
إما زيادة العلم مع زيادة العمل ـــــــــــــــــ تجاوزنا العقبة
أو توقف العلم مع زيادة العمل ـــــــــــــــــ نقع في العقبة
أو عدم زيادة العلم وعدم العمل ـــــــــــــــ نقع في العقبة
إذاً : نتجاوز هذه العقبة عندما نرتقي بعلمنا الذي يدفعنا إلى العمل
فالداعية يجب أن لا يرى له حقاً ولا يشهد له على غيره فضلاً
ولذلك لا يُعاتب ولا يُضارب ولا يُطالب ولا يفرح بالثناء والمدح إنما يؤلمه ويحزنه لأنه لايشعر أن له شأن
- لديه شعور دائم بالصدق في دعوته بأنه لاشيء ولايملك شيء
- لديه شعور المخلص بأنه لم يصل إلى درجة عالية من الإيمان والتقى والإستسلام لله فلا يغتر بنفسه
- لديه شعور الحمد والشكر لله بأنه وإن حصل له درجة رفيعة بين الناس او مكانة فهو بفضل الله تعالى ومنّته
ليست هناك تعليقات