مساحة إعلانية

الرئيسية / / مختصر السيره - ولاية قصي وجمعه لقومه وحلف الفضول (5)

مختصر السيره - ولاية قصي وجمعه لقومه وحلف الفضول (5)





فأتاهم قصي بمن معه من قريش وقضاعة وكنانة عند العقبة ، فقال : نحن  - ص 27 - أولى بهذا منكم . فقاتلوه فاقتتل الناس قتالا شديدا . ثم انهزمت صوفة . وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم . وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي ، وعرفوا أنه سيمنعهم ، كما منع صوفة . ويحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة .
فلما انحازوا بادأهم وأجمع لحربهم . فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا . تم تداعوا إلى الصلح ، فحكموا يعمر بن عوف ، أحد بني بكر . فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة . وكل دم أصابه قصي منهم موضوع شدخه تحت قدميه ، وما أصابت خزاعة وبنو بكر ففيه الدية ، وأن يخلى بين قصي وبين الكعبة ومكة . فسمي يومئذ يعمر الشداخ .
فوليها قصي . وجمع قومه من منازلهم إلى مكة . وتملك عليهم وملكوه . لأنه أقر للعرب ما كانوا عليه . لأنه يراه دينا لا يغير فأقر النسأة وآل صفوان وعدوان ، ومرة بن عوف على ما كانوا عليه . حتى جاء الإسلام ، فهدم ذلك كله . وفيه يقول الشاعر :

قصـي لعمري كان يدعى مجمعا *** بــه جـمع اللـه القبـائل مـن فهـر

فكان قصي بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه ، فكانت إليه الحجابة ، والسقاية والرفادة ، والندوة ، واللواء . وقطع مكة رباعا بين قومه . فأنزل كل قوم منهم منازلهم .
وقيل : إنهم هابوا قطع الشجر عن منازلهم . فقطعها بيده وأعوانه ، فسمته قريش " مجمعا" لما جمع من أمرهم ، وتيمنت بأمره . فلا تنكح امرأة  - ص 28 - منهم ولا يتزوج رجل ولا يتشاورون فيما نزل بهم ، ولا يعقدون لواء حرب إلا في داره يعقده لهم بعض ولده .
فكان أمره في حياته - وبعد موته - عندهم كالدين المتبع ، واتخذ لنفسه دار الندوة ، فلما كبر قصي ورق عظمه - وكان عبد الدار بكره . وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه ، وعبد العزى وعبد الدار . فقال قصي لعبد الدار : لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك . لا يدخل أحد منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له . ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت . ولا يشرب رجل بمكة إلا من سقايتك . ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك . ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا في دارك .
فأعطاه دار الندوة ، والحجابة ، واللواء ، والسقاية والرفادة ، وهي خرج تخرجه قريش في الموسم من أموالها إلى قصي ، فيصنع به طعاما للحاج ، يأكله من لم يكن له سعة ولا زاد . لأن قصيا فرضه على قريش . فقال لهم : إنكم جيران الله وأهل بيته . وإن الحاج ضيف الله ، وهم أحق الضيف بالكرامة . فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم . ففعلوا .
وكان قصي لا يخالف ، ولا يرد عليه شيء صنعه . 

فلما هلك أقام بنوه أمره لا نزاع بينهم . ثم إن بني عبد مناف أرادوا أخذ ما بيد عبد الدار ، ورأوا أنهم أولى بذلك فتفرقت قريش : بعضهم معهم . وبعضهم مع عبد الدار . فكان صاحب أمر عبد مناف عبد شمس ؛ لأنه أسنهم ، وصاحب أمر بني  - ص 29 - عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار . فعقد كل قوم حلفا مؤكدا . فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا . فغمسوا أيديهم فيها ، ومسحوا بها الكعبة . فسموا " المطيبين " وتعاقد بنو عبد الدار وحلفاؤهم فسموا " الأحلاف " ثم تداعوا إلى الصلح ، على أن لعبد مناف السقاية والرفادة ، وأن الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار ، فرضوا . وثبت كل قوم مع من حالفوا ، حتى جاء الله بالإسلام . فقال صلى الله عليه وسلم :  كل حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة  .

وأما حلف الفضول : فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنه ، وهم : بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد بن عبد العزى ، وزهرة بن كلاب ، وتيم بن مرة تعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها ، أو ممن دخلها ، إلا قاموا معه ، حتى ترد إليه مظلمته ، فقال الزبير بن عبد المطلب : 
إن الفضول تحالفوا وتعاقدوا 

فولي السقاية والرفادة هاشم بن عبد مناف . لأن عبد شمس سفار ، قلما يقيم بمكة . وكان مقلا ذا ولد . وكان هاشم موسرا ، وهو أول من سن الرحلتين ، رحلة الشتاء والصيف .   

ولما مات هاشم ولي ذلك المطلب بن عبد مناف . فكان ذا شرف فيهم ، يسمونه الفياض لسماحته . 
وكان هاشم قدم المدينة . فتزوج سلمى بنت عمرو ، من بني النجار ، فولدت له عبد المطلب . فلما ترعرع خرج إليه المطلب ليأتي به ، فأبت أمه . فقال : إنه يلي ملك أبيه . فأذنت له . فرحل به . وسلم إليه ملك أبيه . فولي عبد المطلب ما كان أبوه يلي . وأقام لقومه ما أقام آباؤه . وشرف فيهم شرفا لم يبلغه أحد من آبائه . وأحبوه وعظم خطره فيهم .
. . . . . . . . . .





شارك المقال

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ المنهاج الدعوية 2012 ©